دواعي أمنية مشددة بقلم منال سالم من الفصل الأول حتي الخامس والعشرون
الموجود في نهايته ولم يجرؤ أحدهما على قطع لغة الصمت السائدة بينهما
وضع مسعد نظارته الشمسية السوداء على وجهه وتعمد أن يشب بجسده للأعلى ليبدو أكثر صلابة وقوة
نظرت له سابين بإستغراب بطرف عينها وازدردت ريقها بتوتر فقد لاحظت الفرق الشاسع بينهما في الحجم
بعد أقل من ثلاث دقائق كان كلاهما يقف أمام سيارة مسعد والذي استطرد حديثه قائلا بنبرة شبه منزعجة وهو يفتح الباب الأمامي
ضيقت نظراتها وحدقت فيه بغموض فلوى ثغره بعد أن حك طرف ذقنه وتمتم مع نفسه بضيق
باينها مش هاتفهمني !
لذا دون تردد جمع علب الطعام البلاستيكية وأبعدها عن المقعد ووضعها بالخلف وأشار لها بيده لتجلس
تنهدت بإرهاق وركبت في السيارة دون أن تنطق بكلمة
دار مسعد حول السيارة وركب خلف عجلة القيادة وأدار محركها وتحرك بها بهدوء تام
في منزل مسعد غراب
أبدلت إيناس ملابسها وإرتدت كنزة ضيقة من اللون الأبيض وأعلاها قميصا فضفاضا كاروه يجمع بين اللونين الأحمر والأسود على سروالها الجينز وعقدت شعرها الأسود المجعد برابطة شعر صغيرة على هيئة ذيل حصان ثم ضفرته على هيئة جديلة لتتمكن من جمعه ثم خرجت من غرفتها وصاحت بنبرة عالية وهي تعلق حقيبتها الرياضية على كتفها
ردت عليها السيدة صفية بنبرة عالية
ماشي بس ماتتأخريش خلصي وتعالي على طول !
هتفت قائلة بتهكم
هو أنا اللي بأشرح الرك على المستر لما بيخلص
حذرتها والدتها قائلة
طيب يا ليمضة بس متتلعكيش وإنتي راجعة
حاضر
خرجت إيناس من منزلها فقابلت والدها على الدرج فسألها مستفهما
أجابته بضجر وهي تتنهد بتعب
عندي درس يا بابا الواحد زهق طلوع ونزول
ربت على كتفها قائلا بحنو
ربنا يوفقك يا بنتي هانت
ايوه !
أضاف والدها محمد قائلا بجدية
خلي بالك من نفسك يا نوسة
ردت عليه وهي تهز رأسها قليلا
حاضر يا بابا
سألها والدها بهدوء وهو يشير بكفه
مش عاوزاني أوصلك للمكان اللي هو فيه
لأ يا بابا ماهو مش بعيد جمب فرن العيش اللي على ناصية الشارع
هز رأسه خفيفا وتابع بجدية محذرا إياها
طيب على مهلك وإنتي ماشية
حاضر
قالتها إيناس وهي تركض نزولا على الدرج بينما أكمل والدها طريقه نحو منزله
في سيارة مسعد
ظل مسعد طوال الطريق محدقا أمامه ومتحاشيا النظر إلى سابين الجالسة إلى جواره فقد فضل الصمت لترتيب أفكاره القادمة في التعامل معها خاصة وأنه بات مسئولا بصورة رسمية عن مرافقتها طوال فترة وجودها بالإضافة إلى رغبته في الحصول على توصية مميزة في تقييمها النهائي مثلما تصور ليترقى وينضم للحرس الرئاسي
حاولت أن تكسر حاجز الجليد بينهما فأردفت قائلة بلكنة رقيقة وهي مسلطة أنظارها عليه
u اسمك ايه
تثاءب مسعد بدلا من إجابتها ثم حرك رأسه للجانبين لتسمع فرقعة فقرات عنقه فضاقت نظراتها متعجبة من تصرفه الغريب
أعادت تكرار سؤالها بنبرة مرتفعة
اسمك
رمقها بنظرات باردة من طرف عينه وسلط أنظاره على الطريق ثم هتف بنبرة متذمرة عاليا وهو يشيح بيده خارج نافذة السيارة
إنت يا بني مش تحاسب في بني آدمين معاك في الشارع مش طريق أبوك ده !!!
فغرت شفتيها متعجبة من صياحه الجهوري الغاضب
طرق بأصابعه على عجلة القيادة وظل يندندن مع نفسه بكلمات غير واضحة
فضغطت على شفتيها مغتاظة ثم رسمت على برود مصطنع ورددت قائلة بتلعثم
إنت مو ما موس موس موس
جاهد ليخفي إبتسامته من محاولتها الفاشلة لتهجئة اسمه ورد عليها ساخرا وهو ينظر نحوها
هتفضلي تقولي مز كتير كده أنا هاتغر في نفسي ! وهاصدق إني مز
لم تستوعب المقصد من جملته الأخيرة ولكن أدهشها إبتسامته العذبة
تفاجئت به يجيبها بهدوء وهو ينظر لها من خلف نظارته القاتمة
أنا اسمي مسعد يا صابرين
صمت هو للحظة ثم أضاف معاتبا
شوفتي أنا فاكر اسمك وانتي لأ ! ليا لي عندك حق عرب !
احتارت سابين كثيرا في إيجاد الوصف الملائم لهذا الشخص العجيب فتارة تجده أبلها وتارة تجده جادا وفي أحيان أخرى خفيف الډم
أفاقت سريعا من تفكيرها فيه ورسمت تعابير الجمود على وجهها وعقدت حاجبيها وكانت على وشك الرد عليه ولكن رن هاتفه فنظر إليه ومد يده ليمسك به ثم هتف قائلا بنبرة فاترة وهو محدق في شاشته
باسل !
تابعته سابين بإهتمام وظنت أنه لن يجيب على اتصال رفيقه مثل المرة الأولى لوجودها لكنه فاجئها برده عليه قائلا بحماس
برنس ! فينك
سأله رفيقه بجدية
انت اللي فينك يا مسعد مش باين ليه
رد عليه بإمتعاض
معلش كان عندي مأمورية رخمة
ردد باسل بإستغراب
رخمة !
الټفت مسعد برأسه نحو سابين ليجيبه على مضض
جدا وحط عليها كل اللي يجي في بالك من كلام إنت عارفه !
ثم حدق أمامه وتابع ساخرا
لأ وريحتها محشي !
إنفرج فم سابين في صدمة مما يقول واحتقنت عينيها غيظا منه وهمست لنفسها بغل
أنا ريحتي محشي !
تساءل باسل بعدم فهم
محشي ! ايه اللي بتقوله ده يا مسعد !
حرك رأسه للجانبين ورد عليه بفتور
متخدش في بالك !
سأله باسل بإهتمام
المهم خلصتها
رد عليه نافيا
لأ لسه إنت عارف بقى المأموريات اللي من النوع ده مابتخلصش !
أضاف رفيقه قائلا
الله يعينك
فرد عليه مسعد بتنهيدة مطولة
يا رب
سأله باسل بإستفسار
طيب هاترجع المركز ولا هاتعمل ايه دلوقتي
رد عليه بجدية
لأ رايح هناك ماهي المأمورية معايا قصدي هاكمل باقيتها هناك !
سأله بإهتمام أدق
دي تبع الفريق ضياء
شرد مسعد للحظة وسأله بعدم فهم
مين
أجابه باسل بتعجب
المأمورية شبهه يعني حاجة آآ
قاطعه مسعد معترضا وهو يدقق النظرات في سابين
لأ المأمورية أحلى دي خضرا وآآ
ضاقت نظراتها وحدجته بحدة فتنحنح بحرج وتابع بجمود
احم أقصد باردة ومعندهاش ډم !
لم يفهم ما الذي يقوله رفيقه فسأله بحيرة
انت يا بني ركز معايا وقولي بتكلم عن ايه بالظبط
أجابه بإبتسامة بلهاء
المأمورية اللي قصادي
كزت سابين على أسنانها بحنق وهمست بصوت خفيض للغاية
أنا يتقال عني مأمورية اوكي !!
أضاف مسعد قائلا بغطرسة
قبل ما انسى ابقى عدي على البيت عندي وقول لأبويا مسعد غراب أدها وأدود سامعني مسعد
عضت سابين على شفتها السفلى وهمست لنفسها
أها موسأد افتكرت
تساءل باسل بجدية
انت في حد جمبك يا مسعد
رد عليه الأخير بإيجاز
أيوه
تفهم رفيقه الموقف سريعا بذكائه وأدرك أن صديقه ربما يكون غير قادر على الحديث حاليا بأريحية كما إعتاد منه فبادر قائلا بهدوء
تمام طيب أما تفضى كلمني براحتك
رد مسعد قائلا بنبرة عالية
ماشي يا صاحبي عاوز مني حاجة
لأ يا كبير ولو عرفت تنجز مأموريتك بدري هتلاقيني عند الكافيه اللي جمبك
ماشي سلام
أنهى مسعد المكالمة معه وألقى بالهاتف على التابلوه وأدار رأسه في اتجاه سابين التي