الأحد 24 نوفمبر 2024

جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش

انت في الصفحة 1 من 17 صفحات

موقع أيام نيوز

الجزء الأول من الفصل الاول الي السابع
وقفت العربة رباعية الدفع السوداء امام البناية المقصودة ليطل منها هو ناظرا لها بتردد و أخيرا تنهد و اسند جبينه على عصاه في قلة حيلة يتساءل هل ما سيقدم عليه الان صحيح ام لا ! دوما ما كان يحكم الشرع و الأصول و الأعراف في كل ما يقوم به من أفعال لكن ما يهم بفعله الان لا يجد له تصنيفا في ايهم لكنه رغم عن ذلك هو مضطر لفعله 

همس سائقه و كاتم أسراره مناع بصوت هادئ و هو مدرك تماما لتلك العاصفة العاتية التي تجتاح نفس سيده وولى نعمته مش هتنزل يا عفيف بيه ! العمارة بتاعت الباشمهندس اهى 
رفع عفيف جبينه من فوق كفيه المتشابكتين فوق الرأس المعقوف لعصاه هامسا بما يعتمل بصدره لمناع و الله ما اني عارف يا مناع اللى هنعمله ده صح و لا عملة شينة هنتعيروا عليها العمر كله !
همس مناع بدوره يا عفيف بيه ما اللي حصل برضك مش هين و انت باللي بتعمله بتمنع المصېبة الكبيرة واللى بچد ممكن نتعيروا بسببها العمر بطوله و تطول عيال عيالنا كمان يا بيه 
هز عفيف رأسه متفهما و مدركا لصدق حديث مناع و حقيقة ما همس به 
تنهد من جديد و قد استقر به الامر ليندفع خارج السيارة و خلفه مناع لداخل البناية و التى جاءا خصيصا اليها ليمنعوا ما لا يمكن منعه او الوقوف امام طوفانه 
وقفت في حيرة امام خزانة ملابسها لا تعرف ما عليها انتقائه لتضعه في تلك الحقيبة المشرعة أمامها على طول الفراش
كل ما يدور برأسها الان هو انها لن تستطيع وداع اخيها الوحيد قبل سفرها المحدد له بعد الغد صباحا فها هي تجد نفسها مضطرة للسفر بديلا عن احدى زميلاتها الطبيبات لذاك المؤتمر بالخارج نظرا لظروف ألمت بها و ها هي متحيرة في كم الملابس و نوعها و المفترض وضعها في حقيبتها حتى يتنسنى لها الاهتمام بالامور الأخرى الخاصة بشقتهما تلك الشقة هى ميراثهما الوحيد من والديهما الراحلين و التي سكنتها معهما و أخيرا مع اخيها الذى يعمل الان مهندسا للرى معين حديثا بإحدى مدن الصعيد 
تنهدت وهي تندفع خارج الغرفة باتجاه المطبخ لتصنع لنفسها كوبا من الشاي الساخن لعله يمنحها بعض الدفء وتساءلت ماذا ستفعل في تلك البلاد الباردة التي هى في سبيل السفر اليها عما قريب وهي لا تحتمل البرد بهذا الشكل و ابتسمت و هي تحتضن كوب الشاي الذي صنعته على عجالة متخيلة نفسها أشبه بتلك الدجاجة التي تحتفظ بها في المبرد و هي وسط ذاك الثلج الذى يحيطها من كل جانب في تلك البلد الاروبية الباردة
جلست تضع شالها الصوفي يضم كتفيها والذي كان يوما ما لأمها و فتحت التلفاز لعلها تأنس بما يصرف عنها ذاك الشعور القاټل بالوحدة 
و لكن لم يفلح اي من تلك المشاهد المعروضة على الشاشة في جذب انتباهها لتسرح كعادتها في ذكريات الماضى الذى تزخر به أركان تلك الشقة العتيقة 
رحل والداها تباعا لتصبح هي المسؤولة عن اخيها الذى لا تكبره الا ببضع سنوات أصبحت الام و الأب له في مرحلة خطېرة من حياته لكنه لم يخيب ظنها وكان دوما نعم الأخ العاقل المستقيم أخلاقيا و دينيا والذي كانت تفخر به دوما في كل محفل مؤكدة على الرغم من فارق العمر البسيط بينهما انه ابنها و ليس اخيها 
لكم تفتقده ! 
يغيب كثيرا منذ جاء تعيينه في تلك البلدة البعيدة فلا تره الا عدة ايام كل شهر او ربما اكثر وخاصة في الآونة الأخيرة اصبح يمر اكثر من شهر و نصف الشهر حتى ينعم عليها بزيارة لا تستغرق يومين لا تسمن و لا تغنى من جوع اه لو يعلم مقدار اشتياقها لمحياه و مجلسه الذى لا يخلو من المزاح و المحبة! 
تنهدت و هي تتذكر عتاب احدى صديقاتها
لما لا تتزوجي ! هل عدم الرجال أنظارهم ! 
و كم ظلمت الرجال !! فالعيب فيها لا في الرجال فهى لم تعدم إطلاقا وجودهم بحياتها و كم تقدم لها الطالب تلو الاخر يتمنى الاقتران بها لكن هى من كانت ترفضهم بحجج مختلفة كان أولها اخيها و دراسته و انها كرست حياتها لخدمته حتى يقف على قدميه ويشق طريقا لمستقبله و ها قد فعل ! فما حجتها الان ! 
الجميع يعلم انها على مشارف الثلاثين و انها بحكم عادة المجتمع الغبية هي الان على وشك الحصول على كلمة عانس و الدخول الى نادى العنوسة المجتمعي بجدارة فلا امل قريب في الاقتران بمن تراه مناسب قبل بلوغ هذه السن المخيفة 
ابتسمت في حسرة و هي
تهمهم ان لا احد يدرك و لن يدرك بطبيعة الحال ان السبب الحقيقى في عزوفها عن الزواج هو رغبتها الدفينة و التي تحتفظ بها في أعماق قلبها انها تتمنى لو تتزوج عن قصة حب عميقة و رائعة كتلك التي عاشها أبواها 
ذاك السر الذى لم تطلع عليه حتى اقرب صديقاتها زينب وظلت تحتفظ به داخلها تغذيه يوما بعد يوم بأحلام وردية و حكايات من نسج خيالها عن فارس أحلامها كانت تشعر انها ستنال التقريع الشديد من صديقاتها ان أخبرتهم بذلك و تحاشت ان يتهموها بأنها لازالت ترفل في أحلام المراهقة و ان ذاك ليس تفكير طبيبة تعيش فى مطلع التسعينيات من القرن العشرين بل انها احلام فتاة من مطلع القرن الماضي و ان عليها النظر حولها للواقع الذى ينتظرها وليس الأحلام التى ټغرق صاحبها في التعاسة عندما يتأكد من صعوبة تحقيقها و يصطدم بالواقع ومجرياته 
تنبهت ان كوب الشاي بين كفيها قد برد وهى لم تتناول نصفه تقريبا همت بالنهوض الى المطبخ مجددا الا ان جرس الباب علا رنينه لتستدير عائدة لتفتحه و هي تلتقط حجابها من على المقعد المجاور لباب الشقة رفعت قامتها القصيرة نسبيا لتنظر من تلك العين السحرية التى اصر نديم اخيها على تركيبها بالباب منذ امد بعيد حتى يصمئن بأنها لن تفتح الباب لغيره عندما لا يكون بالمنزل وخاصة عندما كان ينسى مفتاحه كعادته 
تطلعت عدة مرات في حيرة من تلك العين فلم تر بوضوح من يكون بالخارج 
هتفت پخوف من خلف الباب مين بره !
تكلم عفيف بلهجة هادئة لا تعكس مطلقا خبايا نفسه سلام عليكم افتحي يا داكتورة عايزينك ف كلمتين 
هتفت بنبرة ترتعش خوفا إنتوا مين ! و كلمتين ايه اللى إنتوا عايزيني فيهم ! 
هتف عفيف من جديد عايزينك بخصوص الباشمهندس نديم 
كان ذكر اسم اخيها هو كلمة السرالتي جعلتها تنتفض في ذعر لتفتح الباب بلا وعي و خاصة عندما ادركت انهم من الصعيد حيث يعمل اخوها وهتفت في قلق بالغ و هي تشرع الباب ماله نديم! هو بخير ! أوعى يكون حصله حاجة! 
تطلع اليها عفيف للحظة قبل ان يحيد بناظريه عنها تأدبا و هو يهتف متجلجيش يا داكتورة هاتعرفى كل حاچة بس مينفعش ع الباب كده 
تنبهت انها لاتزال على عتبة الباب واقفة في ذعر و هو يقف في هدوء بجلبابه و عمامته وعصاه التي تسبق موضع قدماه بخطوة و خلفه يقف احد مرافقيه كأنه ظل له 
ترددت هل تسمح لهما بالدخول ام لا و خاصة انها بمفردها بالشقة و حتى خادمتها التى تعينها بأعمال المنزل من وقت لأخر ليست هنا 
ادرك هو ما يعتمل بنفسها من صراع ليهتف مؤكدا انا مش هاخد من وجتك كتير يا داكتورة و مناع و أشار لمرافقه هيدخل معاي وهجولك المفيد و نتوكلوا ع الله 
كان فضولها و رغبتها في معرفة كل ما يخص اخيها اكبر من اي قلق او صوت تحذيري همس داخلها يردعها 
تنحت جانبا مفسحة لهم الطريق في محاولة لوأد التحذيرات التى تصدح عاليا بجنبات صدرها و تركت الباب مفتوح و الذى وقف مناع على عتباته كحارس لن يتزحزح عن موضعه حتى يأذن سيده بذلك عادت ادراجها للداخل حيث وجدت عفيف يقف في منتصف الردهة لا يحرك ساكنا 
همست محاولة تلطيف الأجواء اتفضل تحب تشرب ايه ! 
هتف عفيف بلهجة محايدة احنا مش چايين نضايفوا يا داكتورة ! فين اخوك الباشمهندس نديم ! 
هتفت پذعر نديم ! ليه !! هو مش المفروض عندكم ف الصعيد ! مش إنتوا برضو من البلد اللى اتعين فيها بقاله سنة ! 
أومأ عفيف برأسه مجيبا ايوه هو كان متعين في بلدنا مهندس ري لحد امبارح 
هتفت في ذعر يعنى ايه ! راح فين وعملتوا فيه ايه ! 
هتف عفيف بلهجة باردة انت اللى هتجوليلنا راح فين يا داكتورة دلال مش دلال برضك ! 
اومأت برأسها إيجابا و هي تهتف في تعجب أدلك ازاى على مكانه و انا معرفش هو فين أصلا ! و بعدين انت عايزه ليه من أساسه! اخويا عمل ايه عشان تيجى تدور عليه بالشكل ده ! و انت مين م الأساس ! 
جلس عفيف في نزق هاتفا ان كان على انا مين ! فأنا عفيف النعماني كبير نچع النعمانية اللي اخوك شغال فيه و ليه بدور عليه! عشان المصېبة الكبيرة اللى عملها و اللي لو ملحجنهاش هتضيع فيها رجاب و أولهم رجبة المحروس اخوك 
شهقت دلال في ړعب و لم تعلق للحظات محاولة استيعاب الامر برمته الا ان عفيف لم يمهلها لتستفيق حتى من صډمتها بل اندفع باتجاه الردهة الداخلية التى تشمل غرف
المنزل 
هتفت هي في تعجب انت رايح فين ! هي وكالة من غير بواب ! 
لم يستمع لندائها او اعتراضها بل اندفع يفتح جميع الغرف في ثورة عارمة حتى وصل أخيرا لغرفتها ليطالع الحقيبة المفتوحة على الفراش مؤكدة ان احدهم كان في سبيله للرحيل بدوره لمعت في رأسه الفكرة ليجز على أسنانه في غيظ هاتفا بصوت كالفحيح من بين شفتيه المطبقتين تقريبا و هو يستدير ليطالع دلال التى كانت في أعقابه تحاول منعه من اقټحام حرمة منزلها بهذا الشكل السافر جلك اهربى جبل ما نوصلولك مش كده ! 
تراجعت خطوة للخلف في هلع من مرأى الڠضب الكامن في حدقتيه الفحميتين 
وردت في حروف متقطعة اهرب ايه ! و اهرب ليه من أساسه ! 
هتف عفيف بصوت كالرعد تهربي عشان تداري ع المصېبة اللى اخوك ۏجع فيها
 

انت في الصفحة 1 من 17 صفحات