جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش
زيت كبيرة و انت ترتدى حذاء زلقا
ألتقطت أنفاسها أخيرا و تنفست الصعداء عندما وصلت لدار مناع المكونة من طابقين
ما ان رأهما مناع قادمين حتى هلل في لهفة مندفعا إليهما يحمل عن عفيف حقيبة دلال و التي اصر على حملها عنها و كم شكرت له ذلك وسط تلك الأجواء الموحلة التي كانت تسير فيها و كأنها تضع خطواتها على قشور من البيض مخافة كسرها
دخل عفيف احدى الغرف الجانبية والتي كانت معدة مسبقا لاستقبال الضيوف
هتف مناع معترضا كيف يعنى! يبجى عفيف بيه النعمانى بداري و انب اعمل حالي كنه مش موچود و الله الليلة كنها ليلة عيد بتشريفك يا بيه
ابتسم عفيف لمحبة مناع الصادقة و التي تقطر من كلماته ليهتف به امرا طب روح شوفهم يكونوا عاوزين حاچة متجعدليش كده و انى لو عوزت حاچة هنادم عليك
هتف مناع في جزع يبجى حالتها واعرة كيف ما انى واعيلها
لم ينتظر منها جوابا بل ترك المكان كله وولى مندفعا للأسفل حيث غرفة عفيف الذى زم ما بين حاجبيه ما ان طالعه وجه مناع الغائم فهتف مستفسرا خير يا واد ايه في !
نهض عفيف مشرفا عليه بقامته و مناع جالسا ارضا يضع رأسه بين كفيه في استسلام و ربت على كتفه في مؤازرة هاتفا واااه ما تچمد امال هتجوم بالسلامة بس جول يا رب
هتف مناع من أعماقه متضرعا ياارب يااارب يا عفيف بيه دى لو چرالها حاچة اروح وراها
و كم قرأ من روايات تصف تلك الحالة المبهمة التي ما وعاها قلبه يوما لكن لما يستشعر الان و في تلك اللحظة ان كلمات مناع ما عادت غريبة على إدراكه و ان قلبه بدأ يتفهمها و انه بدأ يفك شفراتها الغامضة
أصوات زغاريد منطلقة أخرجته من شروده و جعلت مناع ينتفض مندفعا باتجاهها غير مصدق ما تنبئ به وصل لباب الغرفة التي تحوي زوجته يتطلع بأعين زائغة منتظرا البشارة لتعاجله امه هاتفة في سعادة تكاد تقفز فرحا ألف مبروك يا ولدي واد ذي البدر الله اكبر
واعادت إطلاق زغاريدها المدوية من جديد و قد وضعت الوليد بين ذراعى والده الذى اغرورقت عيناه بالدموع و هو يضمه لأحضانه و في غمرة سعادته هتف في جزع و سعدية ياما زينة !
هتفت امه تطمئنه زينة يا ولدي وذي الفل الداكتورة ماشاء الله عليها لولاها ما كنا عارفين ايه اللى كان هيحصل
كانت دلال لازالت بالداخل ترعى سعدية و لم تنته بعد مما دفع مناع لينزل الى عفيف حاملا ولده في فرحة غامرة ليضعه بين ذراعيه تناوله عفيف في حذر ناظرا اليه في سعادة لكم تمنى ان يحمل أطفال ناهد و من بعدهم اطفاله لكم يعشق الصغار وهم بتلك البراءة والنقاء
انحنى في وجل يقبل جبين الطفل في حنو و همس لمناع حتى لا يوقظه نويت تسميه ايه باذن الله!
اندفع مناع هاتفا في حماسة هسميه عفيف بعد إذن جنابك طبعا
قهقه عفيف في سعادة و هو يعاود النظر للطفل بين ذراعيه هاتفا في فخر وهو يخرج مبلغا ماليا كبيرا من جيب جلبابه ليضعه بداخل غطاء الطفل وهو يعيد الوليد بين يدى والده من جديد مبروك ما چالك يا مناع يچعله الولد الصالح يا بوعفيف
انتشى مناع من اللقب الجديد و رغم ذلك هتف معترضا ده كتير جووى يا عفيف بيه ده كفاية مچيتك ربنا يخليك لينا و يبارك لنا ف عمرك
هتف عفيف في هدوء و هو يربت على كتف مناع لا كتير ولا حاچة و بعدين هو عشانك ده عشان عفيف الصغير
كانت تقف على عتبة الباب منذ لحظات أنهت مهمتها بالأعلى و اطمأنت ان حالة سعدية مستقرة و هبطت الدرج لتستعد للرحيل ليطالعها ذاك المشهد الذى غزا قلبها بشكل عجيب مظهره الغير معتاد و هو يحمل طفل مناع جعل ضربات قلبها تتضاعف بسرعة صاروخية و ملامح وجهه تلك التي كانت تحمل كم غير طبيعى من الحنو والرأفة جعلت روحها تئن مترنحة تكاد تسقط صريعة لتلك الأحاسيس التي اثارتها تلك الملامح
كم وجه يملك ذاك الرجل ! يكاد يدفعها للجنون بحق و هي ترى أوجه عديدة كلها اغرب و اكثر تناقضا من ان تجتمع في شخص واحد رجل واحد اسمه عفيف النعمانى
لم تعد قادرة على البقاء اكثر مكانها وترك الحبل على غاربه لأفكارها و مشاعرها الفوضوية اللامسماه تجاه ذاك الرجل لذا اندفعت داخل الغرفة ترسم ابتسامة بلهاء على شفتيها هاتفة بصوت ليس لها مبروك يا مناع و حمدالله على سلامة سعدية يتربي في عزك
هتف مناع في امتنان البركة فيك يا داكتورة و الله ما عارف اجول ايه ! و لا اوفيك حجك كيف!
اتسعت ابتسامتها و هي تكاد لا تقف على قدميها من شدة الإرهاق متقلش حاجة يا مناع انا معملتش حاجة بجد ده فضل ربك
واتجهت برأسها لتنظر للطفل النائم بوداعة بين ذراعى ابيه لتمد كفيها تحمله في شوق و تساءلت في جوف أعماقها هل سيمن عليها الله يوما لتحمل اطفالها كما تحمل أطفال الغير بتلك المحبة
استأذن مناع في عجالة و خرج من الغرفة مندفعا ليتركها تتفقد الطفل في حنو بالغ و قد نسيت تماما انه يقف يتابع بنظراته المتفحصة كيف تقف مأخوذة كليا بالعفيف الصغير و تأوهاته المحببة و التي دفعت الابتسامة لشفتيها و دموع الفرحة لمآقيها
همسه ايقظها من سبات أحلامها الوردية و هو يقترب منها قائلا شكلك تعبتي يا داكتورة مش نرچعوا بجى ! و لا لسه في حاچة جدامك هنا !
ما ان همت باجابته حتى انتفضت في ذعر تلتصق به و هي تضم عفيف الصغير بينهما
صوت الطلقات الڼارية الحية التي كان يطلقها مناع بالخارج فرحة بميلاد طفله جعلتها تنتفض ولم يكن بمقدورها ان تأت بأي رد فعل ممكن و خاصة و الطفل بين ذراعيها فانكمشت على نفسها و هي تغلق عيونها بقوة
كان من العجيب ان تشعر فجأة ان صدى الطلقات قد خفت و بدأت في الاسترخاء رويدا رويدا و فتحت عيونها تدريجيا
لتصطدم بعينيه المتطلعة اليها و كفيه اللتان أحاطتا بجانبي وجهها ضاغطة قليلا على اذنيها فوق حجابها بشكل لم تستشعره لضغطها على أسنانها جزعا فاصلة إياها عن عالم الأصوات الخارجية
تطلعت الى عمق عيناه التي لا تستطيع ان تحيد بنظراتها بعيدا عنهما فضولها ېقتلها لتفسر مغزى تلك النظرات التي ما عادت قادرة على تحمل ألغازهما اكثر من هذا لكن فجأة انقطع الوصل كما بدأ عندما دخل مناع هاتفا في سعادة فاقت الحد و هو يتناول ولده من بين ذراعيها ناظرا إليهما في امتنان عجبال ما نشيل عيالكم وتفرحوا بيهم
لم تعد تستطيع ان تنتظر لحظة واحدة امام سيل النظرات التي غمرها من تلك العيون الفحمية و خاصة بعد كلمات مناع الأخيرة
اندفعت في عجالة خارج الدار ليندفع عفيف لاحقا بها و هو يجذب الحقيبة التي تناولتها في طريق خروجها ليحملها عنها
وقفت لترتدى حذاءها الموحل و الذى خلعته تأدبا على عتبات الدار لتتوقف قبل ان تدس قدمها به لهتافه و هو ينحنى جاذبا الحذاء ليكسر كعبه في سهولة و كأنه ينتزع قشة عالقة بثيابه
وضع الحذاء أرضا بعد ان انهى مهمته لينظر اليها مؤكدا كده هيريحك ف المشى ف الوحل ده على طول الطريج للمعدية
دست قدميها في الحذاء بضيق و هي لا تصدق انه فعل ذلك بحذاءها الغالي الجديد و الذى اشترته مضحية بمرتب شهر كامل اللعڼة عليه و على الأمطار و الوحل و على سيطرته الخانقة
استطاعت الوصول للمعدية و دخولها بسلام دون الحاجة لمعاونته و الحق يقال كان لديه كل الحق في خلع كعبى الحذاء و الذي اصبح المشى به اسهل كثيرا و ايسر مما مضى
عاودت الأمطار الهطول من جديد بعد ان توقفت لفترة لتشعر بالبرد و الماء يتخلل عظامها و تنبهت أخيرا انها قد نسيت سترتها الثقيلة التي خلعتها ما ان دخلت لسعدية الحجرة و أصبحت بحاجة للحركة بدون قيدها المحكم على جسدها
تنبه عفيف لارتجافاتها ليهتف حانقا فين الچاكت بتاعك !
اكدت في خجل كطفلة يؤنبها ابوها قلعته في بيت مناع و نسيته
زمجر في ڠضب ليتحرك بحذر داخل المعدية التي كانت تتمايل پعنف في تلك اللحظة حتى وصل اليها ليلقي عليها عباءته الصوفية و يعود ليجلس موضعه من جديد حتى يستقيم اتزان المركب
أغمضت عيناها و هي تشعر ان دفء عباءته وحده كان قادرا على حمايتها بهذا الشكل الرائع
أحاسيس عجيبة تسربت لروحها و دفء العباءة المخلوط بعطره يدغدغ مشاعر مستترة ما خبرتها يوما و ما كانت على علم بوجودها من الأساس
و بدأ المركبي في الشدو من جديد
خلخال خطړ ع الجدم
كل المحاسن فيه
والصايغ اسمه حسن
صانع جميع مافيه
دايما على الحمل صبار
اللي