الأحد 24 نوفمبر 2024

جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش

انت في الصفحة 15 من 17 صفحات

موقع أيام نيوز


عندما سمعت من ينادى بأسمها تنبه نديم لذعرها و توجهت أنظاره تجاه المنادي فإذا به اب ينادى على ابنته التي تركت كفه لتجرى مسرعة و للصدفة كانت تحمل نفس الاسم ناهد  
غامت ملامح وجهها و قرأ نديم حزنها المرسوم على تلك الملامح النقية بكل سهولة كقراءته لجريدته الصباحية فانتشل الحاجيات التي اشتراها بالفعل و أجل الباقى ومد كفه ليمسك بكفها ليعود بها للبيت و قد لمس ان هذه رغبتها في تلك اللحظة  

سارا متجاوران لا ينبس احدهما حرفا فما الذى يمكن ان يقال في ظل ما يشعر به كل منهما من الغربة المخلوطة بالحسړة و الألم  
وصلا شقة سمير ليفتح الباب و ما ان انفرج حتى اندفعت هي للداخل متوجهة لحجرتها و قد أغلقت بابها خلفها بقوة تنبئ عن مدى صعوبة الشعور الذى يعتريها و الذى حاولت كتمانه كثيرا حتى تعود وحيدة مرة أخرى لتفرغه كما يعلم جيدا دموعا سخية يسمع همهماتها ليلا و يدرك اثرها على عينيها النجلاوتين صباحا لكن ما بيده حيلة فهو ليس بأقل منها حزنا و ألما ويعلم تماما انها محقة في حزنها ولها كامل الحرية للتعبيرعنه كيفما شاءت اما بالنسبة له فلم يحن بعد أوان الۏجع عليه ان يكون قويا لكلاهما ومن أجلهما معا قويا بالنيابة عنها وعن نفسه  
وقف عفيف ينتظر على باب غرفتها لتعلمه الخالة وسيلة بحالتها كانت لاتزل تهزي فقد ارتفعت حرارتها مرة اخرى  
اكد عليها عفيف هاتفا عتطيها الدوا اللي جال عليه الداكتور يا خالة !  
هتفت الخالة وسيلة معرفاش يا ولدي مش جادرة اچلها من مكانها عشان اعطيهولها ادخل ساعدي  
اضطرب عفيف يدخل ! الي اين ! الي حجرتها التي اصبحت مزار مقدس ما ان وطأتها قدماها منذ اللحظة التي قدمت فيها الي النعمانية !  
استجمع شجاعته و دفع الباب برفق و دخل يغض الطرف عنها حتى وصل لطرف الفراش حيث ترقد و الخالة وسيلة راقدة على الجانب الاخر مد كفا مضطربة وضعها اسفل رأسها الذي تخلى عن غطائه و يا لوجيعته و يالأرتجافة روحه و هو يرى شعرها الغجري منثور هكذا بفضوضية بعثرت ثباته بكل ارجاء الارض  
انحني مقتربا يرفع رأسها عن وسادتها ليضعها فى وضع مستقيم نسبيا حتى تبتلع دواءها لتسقط بلا اتزان على كتفه كاد يشهق مصډوما و هو يستشعرها بأحضانه تناول حبة الدواء بكف مرتعش من الخالة وسيلة هامسا بصوته المتحشرج اضطرابا باسمها كانها ستسمعه فوجي يا داكتورة خدي بس الدوا ونامي  
وضع حبة الدواء داخل فمها وتناول كذلك كأس الماء من الخالة وسيلة و بدأ في مساعدتها لتبتلعها وهى شبه غائبة عن الوعي  
تأكد انها ابتلعتها فأعاد رأسها على الوسادة من جديد وبدأ يبتعد وهو يسحب كفه من اسفل عنقها فتشابكت أصابعه بجدائله و كأنه يتمسك به متوسلا الا يرحل تاركا اياه نظر لتلك الخصلات في تيه و اخيرا نفضها عنه وتحرك مبتعدا امرا الخالة وسيلة اشتغلي ع الكمادات يا خالة و انا چارك ف المكتب لو عوزتي حاچة 
اندفع كالممسوس خارج الغرفة فما عاد قادرا على البقاء لحظة و ما عاد لديه الشجاعة ليتطلع اليها فقد شعرانه فقد شيئا ما غاليا لا يدرك كنهه لكنه يستشعر ايضا انه لا يجد ضالته المفقودة تلك الا بقربها أي جنون هذا ! ما عاد يدرك  
فتحت الخالة وسيلة باب غرفتها ببطئ شديد حتى لا توقظها ظنا منها ان لازالت تغط في نوم عميق من جراء تلك العقاقير الطبية التي تتناولها لكنها كانت مستيقظة بالفعل تطالع احدى الروايات التي وجدتها على جانب فراشها موضوعة على تلك المنضدة التي تحوى تلك الاباجورة النحاسية و التي تشع نورا يجعل الغرفة أشبه بقصص الحكايا القديمة فينقلها بشكل كلى الى جو الرواية التي تطالعها  
لابد و انه هو من بعث بها الخالة وسيلة حتى اذا ما استيقظت تجد ما يشغل وقتها و هي لاتزل طريحة الفراش ابتسمت في ود مجرد ان مر ذاك الخاطر على مخيلتها انه يهتم بالفعل يهتم بها أسعدها ذلك سعادة مبهمة لا تعرف مصدرها لكنها سعيدة و هذا ما يهم هتفت ما ان طالعها رأس الخالة وسيلة المطل من فرجة الباب الضيقة تتأكد انها بخير تعالى يا خالة انا صاحية  
دخلت الخالة و سيلة مستبشرة و هي تهتف في سرور الف بركة جومتك بالسلامة خلعتينا عليك يا بتي حتى عفيف بيه اللى ما كان يتهز ولا الجبل كان ناجص يطول السما بيده اول ما جريت اجوله ألحجها ده ساج ف الفجر و طريج
الچبل واعر عشان يجيب لك داكتور مخصوص  
تضرجت وجنتيها بحمرة محببة ما ان سمعت تفاصيل الثلاث ليالى الماضية و ما فعله لأجلها  
هتفت بتعجب عجيب عفيف بيه يعمل ليه كل ده عشان واحدة اخوها مسبب له مصېبة ! ده انا قلت ممكن يسبنى اموت و اهو ينتقم من اللى حصل معاه بسبب اخويا !  
هتفت الخالة وسيلة يسيبك تموتى كيف ! ده من اول ما وصلتى و اللى على لسانه دي أمانة عندينا يا خالة هي ملهاش ذنب يا خالة خلى بالك عليها شوفي كل طلباتها  
ثم تنهدت الخالة وسيلة مستطردة بعد صمت طال لثوان بالك يا بتي ما في حد يعرف عفيف بيه كدب المثل بيجول اللى ربى خير م اللي اشتري و هو رباية يدي حفظاه كيف ما واعية لكفي دي عفيف بيه لو شفتيه مع ناهد اخته و چلعه فيها مش هتصدجي انه عفيف اللى صوته بيهز الچبل اللي جصادنا على مدد شوفك ده سبحان الله عفيف مخدش من النعمانى الكبير غير شكله لكن طبعه كله طبع ابوه سيدى راغب الله يرحمه  
انتفضت دلال بعد ان كانت مأخوذة كالعادة بحديث الخالة وسيلة كلما تحدثت عن ماضي النعمانية و أسرارهم لكن تلك النقطة بالذات جذبت انتباهها لتهتف في استفسار قصدك ايه ان عفيف بيه شبه جده النعماني في الشكل ! يعنى نفس طوله و عرضه وكده !  
اومأت الخالة وسيلة مؤكدة ايوه يا بتي هو بالمظبوط محدش من عيلة النعمانية كلها يشبه النعمانى الكبير كيف عفيف بيه كنهم فولة واتجسمت نصين نفس الطول و العرض و الهيبة و الصوت اللى يهز الچبل هز نفس الطلة اللى توجف چريان الډم ف العروج لكن الحنية والطبع اللين كني واعية لسيدى راغب ابوه بالمظبوط صدج من جال اللي خلف مامتش  
وأخيرا ادركت دلال من ذا الذى يزورها في أحلامها العجيبة عن تلك المرأة الحبلى التي تستنجد بها انه ليس عفيف بل جده لكم اراحها هذا الخاطر لا تعرف ما سبب تلك الراحة الداخلية التي غمرت روحها لذلك الاكتشاف لكن سمة سکينة عجيبة شملتها جعلتها تتنهد و كأن حمل ما كان يجثم على صدرها و أخيرا تخلصت منه  
و لكن عليها استغلال رغبة الخالة وسيلة في البوح و الحديث عن ماضى النعمانية لتسألها في فضول لازال مشټعلا منذ المرة السابقة التي قصت لها بعض من الحكاية و أغفلت بعض تفاصيلها لذا هتفت في لهفة لكن مقلتليش يا خالة 
تنبهت الخالة وسيلة بكامل وعيها لدلال و تطلعت اليها بعيونها الدائرية الصغيرة التي تشبه عيون العرائس البلاستيكية لولا انها تنبض بالحياة الخالصة و يشع منها بريق وثاب  
استطردت دلال بنفس النبرة الملهوفة ايه اللى خلى مرات النعماني الكبير اللى هي جدة عفيف بيه متسامحش جوزها طول مدة جوازهم و ټموت حتى قبل ما تسامحه على الرغم انك قلتيلي انه كان بيعشقها !  
توترت الخالة وسيلة و همت بالنهوض محاولة تغيير الموضوع الا ان دلال كان فضولها أقوى من ان تترك المرأة تذهب لحال سبيلها دون ان تذكر كافة التفاصيل التي تريحها لذا هتفت بالخالة وسيلة مستعطفة قوليلى يا خالة مټخافيش الكلام ده مش هيطلع لحد هو انا بكلم مين يعنى هنا غيرك !!  
تنهدت المرأة العجوز و عادت لتجلس على طرف الفراش من جديد هامسة بتردد ليه هتخلينى انبش ف الجديم يا بتى ما راح لحاله مع صحابه الله يرحم المراحيم كلها  
هللت دلال بطفولية و هي تشعر ان الخالة وسيلة نفسها عندها رغبة كبيرة بالافضاء بتلك الأسرار التي تختزنها في جوف صدرها منذ سنوات بعيدة قولى بقى يا خالة عشان خاطرى  
اومأت العجوز برأسها و بدأت في سرد قصة الماضى البعيد هامسة بصوت يأتي من أعماق بعيدة بعد ذاك الزمن الذى تحكى عنه حتى انه جعل دلال ترتعش رغما عنها برهبة صلي ع النبى يا بتي  
أطاعت دلال في خشوع و تدثرت وهى تستشعر انها ستسمع حكاية من حكايا الماضي في تلك البلاد البعيدة التي يحكمها العرف و تقيدها العادة و يسوسها السادة و يخضع لملكهم صغيرها و كبيرها وبدأت الخالة في سرد حكايتها او بالأدق حكاية النعمانية منذ ان كانت قطعة ارض جرداء بحضن الجبل الغربي
يتبع٧ جلاب الهوى 
نامت الليلة الماضية و عيونها شاخصة على ذاك السقف المزكرش للغرفة و عيون خيالها تنقلها لحكايا الخالة وسيلة الأشبه بالأساطير 
تمطعت في فراشها في كسل و هي تشعر بدفء عجيب يسري في أوصالها وتنهدت لتتطلع حولها في سکينة عجيبة و خاصة و ذاك الغناء
المبهج يصلها من مكان ليس بالبعيد  
نفضت الغطاء عن جسدها و تلحفت بمئزرها و وضعت حجابها على شعرها المسدول على ظهرها  
فتحت النافذة لعلها تكتشف مصدر ذاك الغناء الأشبه بدعوة سحرية للاستماع و التمتع لكن ما طالعها من موضع وقوفها هو تلك الأرض الشاسعة مترامية الأطراف المبدورة بالأخضر حتى تصطدم بذاك الجبل الشامخ هناك في إباء كأنه شاهد على ما دار في تلك الأرض التي احتضنها منذ مئات السنين كأنها حبيبته التي ما من سبيل لافتراقه عنها لا تعرف لما خطرت على بالها قصة النعمانى الكبير و زوجه زهر الروض ياله من اسم لامرأة عانت من اجل قلبها الويلات !  
جاء النعماني الكبير لتلك الأرض و هي صحراء جرداء تأبى الخروج عن طوع ذاك الجبل و ظلت لسنوات طويلة جزء منه تملك لونه و ملامحه الخشنة حتى قرر النعمانى بفأسه و ذراعيه تغيير تلك الحقيقة للأبد و استطاع الانتصار على الجبل ليستقطع تلك الأرض المحيطة منه و يحولها لجنة خضراء رغما عن انفه لتكون النعمانية نسبة اليه  
و يبدو ان هذا كان مبدأ النعمانى في حياته ليس فقط فيما
 

14  15  16 

انت في الصفحة 15 من 17 صفحات