روايه كامله سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
اللهفة ظاهرة في عينيها بوضوح والاشتياق تلقي باسهمه عليه وهي تركض نحوه تتلهف للاقتراب منه وإشباع قلبها من نعيم وجوده جوارها وذلك الأمان الذي فقدته عندما سلمها السلاح بيدها قائلا لها أن تعتمد على ذاتها.. إلى هذه الدرجة كان وجوده يشعرها بالدفء والأمان كان هو حاميها وسارقها!..
أيعقل!..
عادت للخلف تنظر إليه بابتسامة واسعة ومازالت الدموع ټغرق وجهها تسأله بنبرة خاڤتة
أومأ برأسه لها وهو يبادلها الابتسامة واضعا يده على ذراعها قائلا بحب
كويس.. يا حبيبتي
لا تدري أي شعور يجتاحها بعدما استمعت إلى تلك النبرة الحانية مع نظرة عينيه الغرامية عليها استمعت إلى صوت شقيقتها التي تقدمت منهم تسأله بتوتر وقلق
فين عاصم
ابتسم إليها هي الأخرى محاولا أن يجعلها تطمئن قائلا بصوت هادئ
هبط إلى الأسفل ينحني إلى الأمام يقبل وجنة الصغيرة بعدما أقتربت منه بحب فلم يستطع حملها بسبب ضيق المكان ابتسمت قائلة برقة وصوت هادئ
أنا مبسوطة أنك رجعت تاخدنا مكنتش عايزة أمشي
أجابها مبتسما بعد أن عانقها بحب وحنان
مش هسيبك تمشي
أشار إلى زينة بالعودة وأخذهم وعاد من جديد إلى نفس الغرفة الذي خرجوا منها ليجد عاصم يهبط الدرج متقدما منهم بعدما أعتقد أنهم رحلوا ولم يلحق بهم جبل..
رأى جبل الحالة الذي كان عليها فتحدث بصوت خشن قائلا بعد أن وقف يتبادل النظرات معها للحظات في صمت تام
أبتعد بنظره إليه غائبا عن الواقع يومأ برأسه إليه ثم عاد إلى الأعلى ليقف يستقبل وعد بعدما ساعدها جبل في الصعود على الدرج ثم خلفها إسراء أمسك بيدها بين كفيه يساعدها للخروج بينما تلك اللمسات الخفيفة منهما تكن كلمسات النيران أو صواعق الكهرباء تسبب ارتجافه للقلب لا مثيل لها..
وقفت زينة وجذبت شقيقتها ناحيتها ليأتي جبل هو الآخر يقف ثم نظر إلى عاصم قائلا بجدية
ذهب وتركهم كما أمره جبل ليخرج يتابع ما يحدث في الخارج يصلحون ما أفسده ذلك الحيوان ورجاله..
باغتته زينة بسؤال جاد وهي تنظر إليه بعمق قلقة أن يحدث ذلك مرة أخرى
إحنا دلوقتي في أمان
أومأ إليها برأسه دون إجابة فسألته مرة أخرى باستغراب عن عائلته
فين طنط وجيدة وفرح.. وفين تمارا
عقب بجدية ناظرا إليها بود
نظرت في محيطها ولم يكن إلا الدرج والحائط فعادت ببصرها إليه لتسأله
هو ايه اللي حصل
إلى هذه الدرجة فضولها يأخذها خلفه حيث ما يريد! تنهد بصوت مرتفع وقال بجدية
هحكيلك بعدين.. أنتي متعبتيش
أومأت إليه برأسها إليه فسار مشيرا إليها أن يذهبوا ففعلت صعد الدرج يذهب إلى غرفتهم وذهبت هي مع شقيقتها وابنتها إلى غرفتهم لتطمئن عليهم أولا ثم تتركهم هبطت مرة أخرى إلى المطبخ لتأخذ بعض الشطائر إليهم فهم منذ الأمس لم يأكلوا شيئا..
تركتهم بعد الاطمئنان عليهم ثم ذهبت إلى غرفتها وجدته يخرج من المرحاض مرتدي بطال فقط يشجفف خصلات شعره بمنشفة فاردا ذراعه الأيسر وهو نفس الذراع الذي كان مصاپ به سابقا ولكن هذه المرة كانت الإصابة في ذراعه من الأسفل..
عندما دفع عاصم وأخذ مكانه تحرك كثيرا فخابت رصاصة طاهر وأتت فوق معصم يده
تاركة إصابة بسيطة..
عبرت من جواره دون حديث فيبدو أن خۏفها عليه واستنكارها لترك الجزيرة هما اللذان كانوا يدفعون بها إلى التقدم ناحيته وألقاء نفسها بين يديه..
دلفت سريعا إلى المرحاض هي الأخرى لتنعم بحمام بارد يزيل عنها عناء جلستها طوال الليل على أرضية صلبة كالذي كانت في الأسفل مع تلك الأتربة والغبار الذي طبع على ملابسها ويدها..
بقيت بالداخل كثيرا ثم خرجت بخجل وهي ترتدي رداء المرحاض بعد أن أنساها هروبها إلى الداخل أن تأخذ معها ملابسها...
نظرت بعينيها في الغرفة فلم تجد له أثر حمدت الله كثيرا متقدمة من الخزانة تأخذ منها ملابسها عائدة مرة أخرى إلى الداخل كي ترتدي على راحتها فمن الممكن ان يأتي بأي لحظة.. ولكنه من الأساس كان يقف في الشرفة ينظر إلى الباب الذي تهشم زجاجة بسبب الړصاص الذي تناثر حولهم وينظر إلى بقاياه على الأرضية من الداخل والخارج..
ووقعت عينيه عليها وهي تخرج ببطء تبحث عنه بخجل ووجه متورد ثم أخذت ملابسها واختفت لم تدري أنه رأى جمالها الذي لم ينجذب إليها لأجله أبدا ورأى رقتها التي لم يراها منها يوما بل دوما كانت تلك الشرسة العنيدة رأى نظرتها البريئة والخائڤة في ذات الوقت وكأنها صبية مراهقة أو زوجة في بداية زواجها خجلة من أن يكشف زوجها مفاتنها..
أتت هي الأخرى من الداخل بعد أن ارتدت ملابسها لتجلس جواره ولم تنتظر كثير بل قبل أن تجلس سألته بجدية
ممكن أعرف ايه اللي حصل
استدار بجسده ينظر إليها يجيب بفتور وصوت جاد
زي ما شوفتي يا زينة
تابعت عيناه واستغربت إجابته أنها لم ترى شيء سوى تلك الرصاصات التي انهمرت فوقهم كالمطر وبعد ذلك لم تدري بشيء سألته مستفهمة
شوفت ايه فهمني.. دول مجرمين
أومأ برأسه إليها بالإيجاب يقول مسترسلا في الحديث بصوت هادئ
ايوه ده طاهر أكبر عدو ليا.. طول عمره بوق بس مش بيعرف يعمل معايا أي حاجه بس المرة دي عرف يعمل بسبب جلال
استمعت إلى الاسم فتوترت قليلا تنظر إليه بقلق محاولة الهدوء والثبات تكرر باستفهام
إزاي
قال بجدية شديدة وداخله ڠضب مكبوت لا يستطيع إخراجه إلا عندما يمسك به بين يديه أن كان حيا أو مېتا
جلال لما هرب راحله وعرفه كل حاجه عن الجزيرة يدخل إزاي يخرج إزاي وكان السبب في أن ده يحصل لأن من المستحيل حد يقدر يدخلها ولا يعرف إزاي أصلا ممكن يدخل
نظرت إلى الفراغ وتلك الكلمات تتردد على عقلها وبالأخص شيء واحد ارتبكت لأجله فلا تدري ما العواقب خلفه تحدثت متسائلة
وهما فين بعد كل ده ما حصل
قال بإيجاز وصوته حاد
طاهر هرب.. وجلال ماټ
استنكرت صاړخة تسأله بفزع فأثر الكلمة على جسدها عڼيف جعله يرتجف بقلق
ماټ!
أومأ إليها برأسه دون حديث ينظر إلى الأمام وهي تتابعه بنظراتها المذكورة المستغربة للغاية فباغتته قائلة
هو بس!
حرك رأسه بالنفي فأكملت
اومال راحوا فين اللي ماتوا
بمنتهى السهولة والبساطة التي يمتلكها تحدث بهدوء وتروي وكأن لم يحدث شيء من الأساس
الإجراءات كلها خلصت
هبت واقفة من على الفراش تنظر إليه پغضب حاد وعڼف تأجج داخلها فرفع بصره إليها ولم تصل إليه معاني نظرتها إلا بالبغض لما قاله وفعله ولكنها صاحت بقسۏة متهكمة غير قابلة لحديثه
إجراءات ډفن مصرحة من جبل بيه العامري.. انتوا إزاي عايشين كده مستحيل.. اللي ماتوا دول فين أهلهم
هتف بهدوء فهو حقا لا يقوى على الجدال معها ولا يريد أن يرسل إليها فكرة أنه المچرم مرة أخرى فإن وجودها من الأساس معلق على هذا الخيط أما أن تبقى أو ترحل
زينة البوليس كان هنا وكل حاجه تمت على ايده
جلست ثانية تتابع باستغراب
إزاي
قال بجدية بسيطة لا يريد أن يطول الحديث بينهم
زي ما بقولك
نظرت إليه بشك وكأنها غير مصدقة ما قاله كيف للشرطة أن تكون تابعت كل ما حدث وهو هنا مازال ومعه عاصم ومن المؤكد كل حراسه كيف ذلك وهناك أشخاص لقوا مصرعهم أثر هذه الحړب الذي وقعت بينهم!.. من هو كي يفعل كل ذلك دون أن يشوبه شيء..
سخرت منه والكلمات تخرج من بين شفتيها پعنف وقوة
أنت كبير في البلد للدرجة دي علشان كل ده يحصل وأنت تفضل هنا في قصرك كده ولا كأن حاجه حصلت!
استشعر سخريتها فتعمق داخل عيناها يرى ما تحدث به نفسها سهل عليه للغاية أن يتركها لحديثها وحريتها أو أن يخرسها كما كان يفعل في لمح البصر فلا تستطيع النظر إليه وسؤاله مرة أخرى ولكنه للأسف لا يريد ذلك فقط يريد أن يكون ما تحب وما تريد وتهوى لذا قال مجيبا عليها بجدية وصدق
أيوه كبير.. كبير الجزيرة والبلد كلها يا زينة اللي حصل المرة دي مش بسببي أنا ولا ليا يد فيه علشان تبصيلي كده وترمي عليا اټهامات من تاني
سألته متحيرة في أمره وأمر ما حدث وهو مازال هنا كيف
إن كان حديثه صحيح
اومال عايزني أعمل ايه
أمسك بيدها برفق يتعمق داخل عيناه يقول تلك الكلمات التي يعلم أنها ستجعلها تصمت بعد أن تنهد بصوت مرتفع
عايزك تفهمي أن كل حاجه مشيت قانوني ومش قانوني من بتاعي لأ قانوني من بتاعك أنتي وأنا هنا علشان لازم أكون هنا
تابعت بشك أكثر ولكن في نفس الوقت تستشعر الصدق في حديثه فنظرت إلى يده التي تتمسك بيدها والأخرى جواره فسألته مشيرة إليها
حصلك ايه
أجابها بهدوء دون اكتراث
اخدت فيها رصاصة بس بسيطة ومش مأثرة عليا
سألته ثانية وهي تنظر إلى رباطها الطبي
مين ربطهالك
الدكتور
قالها بإيجاز ووجدته ينظر إليها بارهاق يزفر كلما سألته عن شيء ولكن في نفس الوقت يحاول مدارة ذلك وكل هذا وهي متغاضية تماما عن اعترافه لها بالحب فلا تريد أن تنجرف معه دون التعمق في حقيقة ما يفعله..
وعلى ذكر ذلك التي أتى على عقلها بدلا من أن تقول أنها ستخلد للنوم وأن يفعل ذلك هو أيضا مثل الجميع في القصر ولكنها خيبت ظنه بنظرتها المتعمقة نحوه تقول
أنت كنت عايز تقولي ايه قبل ما يحصل اللي حصل ده
ضغط على يدها بين يده من خلال عيناه أرسل إليها لهفة أتت على حين غرة أرسل لها شغف كان خامدا اهتاج على ذكرها لحديثه لأول مرة يشعر بأنه شغوف ناحيتة امرأة إلى هذه الدرجة..
خرج صوته رخيم هادئ
كنت عايز أقولك إني بحبك.. ومحتاجلك معايا
ابتلعت لعابها محركة أهدابها بكثرة تحاول الهرب بعينيها بعيدا عنه قالت بعد وقت جاهدت به أن يخرج صوتها متزنا
كنت هتقول حاجه تانية
أومأ برأسه يؤكد حديثها قائلا بهدوء
خليها لأوانها
ساقها فضولها إلى ما الذي كان سيعترف به إليها وشعرت أنه كان خطېر للغاية أم مهم أكثر من قوله أنه مغرم بها فقالت بنفاذ صبر
أوانها كان امبارح يا جبل.. قولي
مرة أخرى يضغط على يدها يهتف برجاء وصوت حاني
لأول مرة هقولك علشان خاطري... علشان خاطري متمشيش ورا فضولك وأنا هقولك كل حاجه في الوقت المناسب
تعلقت بعيناه ودق قلبها نابضا پعنف وقوة عندما استشعرت شيء سيجعلها سعيدة تنال الفرصة الأخيرة المحبة إلى أن تعود امرأة معها رجل مثله وقالت متسائلة بلهفة
حاجه هتريح قلبي
أومأ برأسه مؤكدا مبتسما بارهاق
هتريحه يا زينة
ابتسمت باتساع بعدما قال كلمتين فقط ولكن أثر سمعهما لا مثيل له وكأن