كاليندا بقلم ولاء رفعت
الأخر وقال
هاقول إيه لله الأمر من قبل ومن بعد تسلم يا عامر و ربنا يقدرني وأردلك فلوسك وجميلك اللي عمري ما هنساه
انتهت من آداء فرضها للتو فولجت والدتها تحمل صينية الطعام
بصي بقي والله لو الأكل ده ماخلصش لساني ما هيخاطب لسانك أنتي ما حتطيش لقمة في جوفك من إمبارح
ردت شمس بسأم
يا ماما مش قادرة والله ما قادرة أكل ولا هتخليني
تلألأت الدموع في عينيها مما جعل والدتها تشعر بالضيق والڠضب فوضعت الصينية علي المضجع وتركتها وغادرت لتضع الطعام لزوجها
فقال محمد الذي يجلس و يحمل علي كاهليه هموم الدنيا بأسرها
حطي علي قدك أنتي أنا داخل أريح لي ساعتين
صاحت زوجته بنفاذ صبر
يعني بنتك مش عايزة تاكل ولا أنت أروح أرمي الأكل يعني للفراخ والبط!
اعملي اللي تعمليه
ولم يمهلها جرس المنزل أن تفرغ ڠضبها صدح رنينه ففتحت الباب و وجدت سحر أمامها الوجوم يعتلي ملامح وجهها الصارمة
سلام عليكم يا أم شمس
أجابت الأخرى وفي قلبها غصة
وعليكم السلام يا أم أحمد أتفضلي
ولجت إلي الداخل وجلست وكأنها في مهمة رسمية يجب عليها الانتهاء منها علي وجه السرعة
تشربي إيه يا حبيبتي
أجابت بنبرة جدية ورسمية
شكرا مفيش داعي أنا جاية لك في كلمتين وماشية علي طول
جلست زينب بهدوء في الكرسي المقابل لها
خير يا أم أحمد
ارتسمت سحر ملامح الجمود وبكل قساوة ألقت كلماتها بدون إكتراث إلي أن ما يربطهما ليس النسب وفقط بل هما جيران منذ عقود و من أصول واحدة وكل منهما يعلم كل شيء عن الآخر
الفصل الرابع
يتناول متعلقاته دون إكتراث وهم بالمغادرة فاستوقفته والدته قائلة له
طيب عشان خاطري خد كل الساندوتش ده ما ينفعش تروح شغلك علي لحم بطنك كده
رمقها بصمت ولكن نظراته كانت حادة وتحذرها أن تكف عن محايلته فتح الباب و أغلقه خلفه بقوة مما جعلها انتفضت وأردفت بامتعاض
و بالخارج يسير ويشعر وكأن العيون جميعها تترصده لاسيما تلك الهمهمات التي وصلت إلي سمعه وبطرف بصره يلاحظ نظرات الشفقة من البعض والسخرية من البعض الآخر
وصل إلي موقف السيارات ليستقل سيارة أجرة وقبل أن يدلف إلي الداخل تعالت ضحكات سخرية واستهزاء صادرة من مجموعة من الشباب يقول أحدهم
رد عليه آخر
أنت أهبل هو فيه حد عاقل يقف في وش عيلة السفوري يا روح ما بعدك روح
ألتفت لهم وعينيه يندلع منهما لهيبا حارقا فلم يشعر بحاله وهو يسرع خطاه نحوهم ويفاجئهم بتسديد اللكمات كوحش كاسر انكسرت قيوده فأنطلق علي أعدائه بضراوة
تجمع الناس لفض هذا العراك أبتعد احدهم وقد نال وجهه عدد لا بأس به من اللكمات صاح بصوت جهوري
بدل ما جاي تتشطر علينا روح أتشطر علي اللي علم عليك و خلاك لبانة في بوء أهل البلد
وبخه إحدى الرجال قائلا
ما تلم نفسك ياض بدل ما أكمل عليك أنا ضړب
يعني عاجبك يا حاج اللي عمله فينا
رمقه الرجل شزرا
ألتفت الرجل إلي أحمد مردفا
حقك عليا
أنا يا أحمد يابني دول عيال ناقصة ربايه وليا كلام مع أهاليهم
لم يستطع الآخر بأن يرد وبماذا سيجيب! ربما لدي هؤلاء الحق فيما تفوهوا به فهو بالفعل غير قادر علي مواجهة عائلة السفوري المعروف عنها بطشها وظلمها الذي سيقع علي كل من يقف في طريقهم أو تحديهم فحماد السفوري صاحب سلاسل متاجر السفوري الكبرى في وسط المدينة له نفوذ وسيطرة حيث بإمكانه أن يؤذيه هو وعائلته دون أن يرف له جفن
خرجت زينب من غرفة ابنتها متأففة وتحمل صينية الطعام التي لم ينقص من طعامها معلقة أرز واحدة
شوف لك بقي يا محمد صرفه مع بنتك اللي رفعتلي ضغطي
أجاب عليها بحزن وآسي
ما تضغطيش عليها يا زينب ناسيه لما خلتيها تاكل بالعافية جابت اللي في بطنها ووقعت من طولها كان عجبك منظرها وقتها
زفرت بضيق وقالت
يعني عاجبك أنت لما علقنا لها محاليل إمبارح و كنت سامع الدكتور بنفسك لازم تاكل وتتغذي عشان ما ندخلش في حوارات ومستشفيات وإحنا مش ناقصين منها لله سحر العقربة هي وإبنها لولا معزة إسراء بنتها
بعتبرها زي بنتي كنت قولت اللهي يتردلها فيها
رمقها زوجها بامتعاض وضجر وذهب ليري ابنته طرق
الباب فأتاه صوتها الواهن من الداخل
أتفضل
شمسي الجميلة عامله إيه النهاردة
نهضت من فراشها وجلست باعتدال
الحمدلله يا بابا
تعرفي يا شمس يوم ما أتصلوا بيا في الشغل وقالوا لي ألحق مراتك جالها الطلق و بتولد قبلها كنت نايم علي المكتب وحلمت حلم جميل حلمت إن فيه راجل وشه كله نور لدرجة ماقدرتش أشوف ملامحه شايل علي إيديه طفلة زي الملاك بيقولي مبروك ما جالك يا أبو شمس
ابتسمت رغما عنها وقالت كأنها تعلم تلك القصة من قبل
عشان كده سمتني شمس
اسم علي مسمي أنتي شمس شمسي اللي منورة حياتي و بنتي وقلبي هدية ربنا رزقني بيها و تاني يوم من ولادتك لاقيتهم منزلين ليا مكافئة و أترقيت درجة ده غير لما جيتي أتخطبتي وجيت أجهزك لاقيت ولاد حلال كتير وقفوا معايا في الأقساط فيه اللي خلالي القسط قليل وفيه منهم اللي مارضاش ياخد ولا مقدمة ولا زيادة وياخد القسط بنفس تمن الحاجة ربنا بيرزقني برزقك لدرجة جيت في مرة مع نفسي أستغفر الله العظيم قولت البنت دي لو أتجوزت هاتبعد عني والرزق ده هيبعد معاها ولما أستوعبت كلامي أستغفرت ربنا لأن طول ما بستغفره وظني بيه خير هايرزقني من غير حساب وهايكون معايا في كل محڼة
أغمضت عينيها وأرتمت بجذعها بين ذراعيه تستمد منه شعور الأمان التي تفتقده حاليا
امتلأت عيناه بالدموع وهو يجيب عليها ويشد من عناقها
ويبارك لي فيكي يا شمس حياة أبوكي يلا بقي عشان أنا ما فطرتش ولا أتغديت وقولت مش هاكل غير مع شمسي هي اللي بتفتح نفسي للأكل ها هتاكلي معايا ولا هاتخرجيني من الأوضة أقعد أبرطم زي أمك
ضحكت وقالت
لاء طبعا هاكل معاك
طيب قومي حضري لنا صينية أكل كده علي ذوقك عقبال ما أروح أتوضى وأصلي العصر
ليه كده يا ماما حرام عليكي
صاحت بها إسراء فأجابت والدتها پغضب
حرمت عليكي عشتك يعني كنتي عايزة أخوكي يتجوزها بعد عملة ابن السفوري فيها!
وأديكي شوفتي بعينيكي كان مغمي عليها والحيوان التاني كان يعني مش ذنبها
أجابت بنفس وتيرة ڠضبها
و ذنب أخوكي إيه ياخد واحدة سيرتها بقت علي كل لسان بصي بقي يابت أنتي عشان قلبي واجعني من كتر الكلام حسك عينك أشوفك بتتكلمي معاها ولا حتي تسألي عنها أنسيها خالص الواحدة فينا عايشه بسمعتها وشرفها و هي خلاص لا سمعة ولا حتي شرف ولا يعجبك لما أخوكي يكمل معاها ويفضل يتعاير باللي حصلها
أتسعت عينان ابنتها پصدمة من والدتها
أنا بجد مصدومه فيكي و لولا إنك أمي كنت قولت لك كلام مش هيعجبك
صاحت الأخرى بها
أقسم بربي
يا إسراء لو ما مشيتي وغورتي من وشي دلوقت لأديكي حتة علقة زي زمان وما هيحوشني عنك حد
ولج كامل من باب المنزل قائلا
في إيه صوتكم جايب لآخر البلد
تعالي شوف بنتك اللي واقفه لي كأني عدوتها وبتعلي صوتها عليا وقال إيه عايزه تطول لسانها كمان
زجرها والدها بنظرة مخيفة وأمرها
تعالي وطي علي إيد أمك وبوسيها وأتأسفي لها
نظرت لأسفل بخجل وقالت
يا بابا والله ما أقصد كل اللي ماما قالتهولك أنا بس كنت بلومها علي مروحها عند شمس واللي قالته لمامتها الموضوع ده يقرره آبيه أحمد
صاح والدها
وأمك أتصرفت صح أخوكي الله يكون في عونه أول يوم يخرج بره النهاردة ولو سمع ربع اللي بسمعه من الناس مش هيخرج من أوضته فاللي عملته أمك أحسن ليه وبكره يا سحر
تروحي لمجيدة أختي ولمحي لها إن إحنا عايزين مروة لأحمد
غرت إسراء فاها واتسعت عيناها من قرارات والديها الظالمة لصديقتها وإنهاء حب شقيقها الوحيد أجابت سحر
رمقتها ابنتها من أسفل لأعلي دون أن تتفوه لكن نظراتها تعبر عن كل السخط الذي بداخلها أطلقت زفرة بتأفف ودلفت إلي غرفتها ثم أوصدت الباب في وجههم
تحمل زينب صينية صغيرة يعلوها كوبان من الشاي وضعتها أعلي الطاولة أمام زوجها وكادت تذهب لتكمل أعمالها المنزلية فأوقفها قائلا
تعالي أقعدي يا زينب عايزك في كلمة
جلست علي كرسي مجاور له وسألته
خير يا محمد
أخرج من جيبه ظرف ورقي كبير و وضعه علي الطاولة نظرت له و سألته
إيه ده
أجاب
فلوس أدهالي صاحبي اللي قولت لك عليه عشان أروح أقوم محامي وأرفع قضية
شحب وجهها وسألته بتردد
أنت خلاص قررت ترفع قضية
أجاب بتعجب من ردة فعلها
أومال عايزاني أخد حق
لاء مش قصدي بس لما جيت فكرت قضية يعني كل الدنيا هاتعرف
أجاب عليها بنبرة حادة
علي أساس إن البلد كلها معرفتش! أوعي يكون حد لعب في دماغك وخۏفك منهم ولا حد هددك تبعهم
أبدا والله بس أديك شايف البت لسه خطوبتها متفشكله و نفسية بنتك اللي في النازل
ما هو عشان كده هاعمل اللي قولت لك عليه يمكن لما يتسجن الكلب ابن حماد بنتك تبقي أحسن و أخليها تمشي في الشارع مرفوعة راسها بدل الكسرة اللي في عيونها كل ما أبص لها
تنهدت بقلة حيلة ثم قالت
كان مستخبي لينا فين ده ياربي! طول عمرنا في حالنا وقافلين بابنا علينا ولا لينا في شړ ولا في آذيه
أستغفري ربنا يا زينب وأدعي له يفك كربنا بدل ما عماله تنوحي زي غراب البين كده
نهضت بحنق
أخس عليك يا محمد أنا غراب! ربنا يسامحك
ربنا يسامحنا جميعا أنا هاقوم أريح لي ساعة وبعدها هاروح للمحامي وهاشوف المطلوب إيه
أوقفته قائلة
طيب ماتصبر شويه كده عقبال بس البت نفسيتها تتحسن شويه ما بالتأكيد المحامي هيطلب إنها تيجي معاك وتحكي له كل حاجة
صمت وهو يفكر في الأمر ليجد لديها حق فقال
أنا عندي فكرة جهزي لها شنطة هدوم صغيرة كده هاخدها ونسافر بكرة عند أخواتي تقعد عند أخويا أهي تغير جو ونفسيتها تهدي وبعدها نروح مشوار المحامي
رمقته بتهكم وقالت
وتفتكر بنتك نفسيتها هتهدي عند شوقية مرات أخوك
ومالها مرات أخويا يا أم شمس لسه برضو شايلة منها ما خلاص ده كان شيطان وراح لحاله والست اعتذرت لك وحبت علي راسك مفيش داعي نقلب اللي فات وياستي بنتك هتقعد مع بنت عمها يسلوا بعض ولو في أي حاجه هاروح هاخدها علي طول
أعمل اللي أنت شايفه بس والله لو بنتي حد قرب منها بأذي لتكون أنت المسئول قدامي وهانسي إن ليك أخوات
وبدون أن يصيح