جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش
يخص الأرض و الزرع و لكن حتى في الحب
رأها يوما مع تلك العائلات التي بدأت تفد للنعمانية ما ان بدأت بشاير الخير تهل هام بها عشقا و قرر ان تكون له مهما حدث لكن الرياح تأتى دوما بما لا تشتهيه السفن كانت الفتاة موعودة لابن عم لها كما هي العادة ذاك القريب الذي استطاع النعماني بما له من نفوذ الا يعجل في عودته من سفرته البعيدة و بالفعل ما عاد
وكانت الفتاة تعلم كل هذا لكن ماذا تفعل بقلبها المعلق بابن عمها الذي نسجت معه أحلام الطفولة و الصبا ! و كيف يمكنها الټضحية بسلامته بعد ذاك الټهديد المبطن الذى ارسله لها النعماني اما الزواج به طواعية او مۏت بن العم في غربته والزواج به كنهاية حتمية للأمر ! و بالفعل قدمت نفسها قربانا لحماية الحبيب و رفيق الطفولة و حلم الشباب الضائع لتسقط في أحضان من چحيم ما ذاقت فيها الا اللوعة و الحسړة وعلى الرغم من انها سلبت لبه و كل من كان بالنعمانية يدرك هذه الحقيقة كادراكهم لطلوع الشمس يوميا من المشرق لكنه لم يستطع ان يجعلها تسامحه على فعلته لم يستطع ان يجعلها تحبه لم يستطع ان يغرز حبه في صحراء قلبها التي ما عاد ينبت فيها الا صبار الكراهية و حنظل القهر أنجبت أولاده جميعا عشقتهم پجنون لكنها لم تقدر ان تعشق ابيهم بالمثل لټموت وهى تلد طفلها الأخير في تلك الغرفة التي رأت فيها كابوسها الأول في ليلتها الأولى هنا في النعمانية و يظل النعماني بعدها لا يقرب امرأة يعيش على ذكراها و رغبة مچنونة ظلت عالقة بقلبه و مسيطرة على فكره انها حتما ستحبه يوما ما سيضمها و هي راضية ستضحك لمزاحه و تراعى غضبته و تدارى ضعفه و تحفظ هيبته و تكون له المرأة التي حلم بها منذ وعاها اول مرة و التي سړقت قلبه واستقرت بأعماق روحه لكن هيهات كلها كانت أمانى مستحيلة لشخص كان يرجو الحب بالسيف و القسۏة لا باللين والرحمة فما جنى سوى الألم و العذابات
لا بديل عن الصعود للسطح لمعرفة مصدر الغناء و التمتع بمنظر اكثر وضوحا للنعمانية من ذاك الارتفاع
حزمت امرها و خرجت تمشي بطول الردهة حتى مرت بجوار الغرفة التي شاهدت فيها حلمها غرفة الألم والقهر فتخطتها سريعا واندفعت باتجاه الدرج الجانبي الذي يفضى لباب خشبي سميك دفعته ليطالعها السطح الواسع والخالي تماما الا من بعض الأرائك الخشبية التي انتزعت اغطيتها حتى لا تتعرض للبلل بفعل الأمطار
تقدمت الى السور الخارجي لترى منظر لم و لن ترى في روعته تلك السفوح السمراء البعيدة و كأنها ايادى لذاك الجبل العتيد تحتضن النعمانية الى صدره الحجرى الصلد ويمر بين شطريها ترعة كبيرة نسبيا هى احد روافد النيل
تسمرت عيناه على ما تفعله بشعرها وهي تدليه من فوق السور ضاحكة وجن جنونه
همس في تضرع هونها يا رب
كان على استعداد ليقف عمره كله يتطلع اليها في موضعها بهذا الشكل الساحر الذى يفقده صوابه لكنه لم يحتمل المزيد وغض الطرف متنحنا وهو يستشعر انه يخرق عزلتها المقدسة
انتفضت هى في ذعر و خبأت شعرها أسفل مئزرها و اعادت احكام حجابها خلف رقبتها هامسة في احراج عفيف بيه !
تنحنح من جديد رغبة في تصفية صوته المتحشرج دوما تأثرا لمرأها هاتفا حمدالله بالسلامة يا داكتورة جلجتينا عليك
ابتسمت في رقة الله يسلمك تعبتكم معايا انت و الخالة وسيلة
هتف معترضا متجوليش كده المهم انك بخير
ثم استطرد عاتبا برقة غير معتادة على مسامعها وهو يتوجه للسور الخارجي للسطح يقف في مواجهة الجبل البعيد كأنه يناطحه بس انت ايه اللى خلاك تطلعي هنا و انت لساتك تعبانة !
ابتسمت و هي تتطلع بدورها للبعيد هامسة الغنا ده هو اللي طلعني الصراحة جميل برغم اني مش فاهمة هما بيقولوا ايه بس واصلني إحساس الفرحة فيه قووي
تطلع اليها في تعجب لحظي ثم ابتسم ابتسامة من احدى تلك الابتسامات النادرة الظهور على ذاك الفك الصلب والتي تحرك شيء ما داخلها لا تعرف كنهه هاتفا احساسك ف محله يا داكتورة ده موسم كسر الجصب ودايما مواسم الحصاد مرتبطة عندينا كصعايدة او حتى الفلاحين ف بحرى بالافراح بنستنوا الحصاد عشان نتچوز او نچوزوا عيالنا الاغنية دي مرتبطة بالفرح مع موسم كسر الجصب والخير اللي هاياچي من وراه
انتبهت لكل كلمة قالها وكأنها تعويذة سحرية ينطق بها نطقها بحب واعتزاز لتلك الأرض التي تحمل عرق جده و رفاته و ستضم رفات أبناء النعمانية جميعا من بعده اشارت لغيط القصب حيث يجتمع الرجال لكسره هاتفة طب هم بيعملوا ايه دلوقتى وايه عربيات السكة الحديد اللى بتمر دي !
ابتسم مؤكدا دي مش عربيات سكك حديد دى عربيات مصنع السكر بيچمع الجصب عشان يروح ع المصنع و الباجي يطلعوا بيه ع العصارة
ثم أشار لبناية عتيقة على أطراف الأرض البعيدة هاتفا شايفة المبنى الملون اللي على طرف الارض ده ! هى دي العصارة دي بنودوا فيها چزء من الجصب عشان نعملوا منيه العسل الأسود اكيد دجتيه حتى من جبل ما تاچي هنا !
أكدت بابتسامة صبت في دمه ملايين اللترات من العسل المصفى وهي تهتف اه مفيش احلى منه بالذات مع الفطير المشلتت من أيد الخالة وسيلة
اڼفجر ضاحكا على غير العادة هاتفا واضح انك چعانة يا داكتورة و نفسك مفتوحة تعوضي الأيام اللى فاتتك من فطير الخالة وسيلة
قهقهت بدورها ولم تعقب للحظات وأخيرا هتفت مستفسرة مشيرة لغيط القصب ها و ايه اللى بيحصل بعد كده ف العصارة !
أكد بهدوء خلاص كده طلع العسل و مبجيش الا الچلاب
هتفت متعجبة جلاب ! يعنى ايه !
ابتسم متطلعا اليها و هو يقترب من السور المشترك بينهما الچلاب ده حلاوة بنعملوها من بواجى السكر شكلها مخروطي و لونها مايل للخضار شوية و
صمت فتطلعت اليه مستفسرة لتجده مترددا ثم مد كفه الى جيب جلبابه ليخرج لها ورقة ملفوفة فضها أمامها هامسا هو ده
مدت كفها اليه متطلعة في تعجب لذاك القمع المخروطى العسلى اللون ثم
استأذنت في فضول ممكن ادوقه !
أكد بايماءة من رأسه فقضمت قطعة صغيرة لتهتف مستمتعة ده حلو قووى
أكد في سعادة مقهقها ما هو كله سكر مش جصب
اعادت اليه قطعة الجلاب و التي تردد في اخذها لكنه أخيرا مد كفه و أخذها يطويها و يقذف بها من جديد في جوف جيبه
سألت في أريحية متهورة طب و حضرتك محتفظ بيه ليه في جيبك !
غامت ملامحه للحظات و طلت من عينيه نظرة حزن عميقة شرخت وعاء البهجة الذى كان يحتوي روحها منذ دقائق ندمت انها سألت و لو كان بإمكانها استرجاع الزمن لثوان حتى تعقل كلماتها قبل طرحها لفعلت اتقاء لنظرة الحزن الدفين المطلة من عينيه والتي اربكتها كليا
لكنه للعجب أجابها يمكن عشان الچلاب ده الحاچة الوحيدة اللي بتفكرنى بأمى الله يرحمها
صمت ثقيل شملهما للحظات حتى استطرد هو بنفس الصوت الموجوع لما كانت بتكون عوزانى اعمل حاچة و انا مرضيش تجولي اعملها وانا اچيب لك چلاب
ابتسم بغصة مستكملا حديثه المعجون بالشجن وكان ردي عليها مش عايز هخلي چدي يچبلي م العصارة لو اني واعي لحالي دلوجت بعد فراجها لكنت چريت عليها خدت كل الچلاب اللي كانت بتعطيهولي بيدها مش عشان أكله لاااه عشان اخبيه بين ضلوعي واطلعله بعد ما غابت ومعدش بجي خلاص في چلاب تانى من يدها
شعرت بمرارة كلماته المغموسة بالشوق الڤاضح لأمه و شعرت بنفس الغصة وهي التي فقدتها و تشاركه نفس المصاپ ونفس الألم الحي الذى لا يندمل ابدا بفراقها
كادت ان تطفر الدموع من عينيها تأثرا لكنها كانت اكثر وعيا لتدرك انه لن يستطيب تعاطفها وربما يندم على ما أطلعها عليه من اسرار دفينة تعد سبق لم يحدث و ربما لن يتكرر لذا ابتلعت دموعها وهتفت بلهجة حاولت إكسابها بعض من مرح طب قبل ما ننزل نفطر عشان انا فعلا جعت قووى سؤال أخير
ابتسم و تغيرت الملامح الخشنة من جديد لتصبح ألطف و ارق اتفضلي اسألي
اشارت من جديد للغناء الذي كان على أشده بالأسفل هاتفة في فضول هما بيغنوا يقولوا ايه !
عاد من جديد يتطلع للمشهد الساحر أمامه وتغيرت