كاليندا بقلم ولاء رفعت
يدها وعانقها بين كفيه
شمس حياتي يلا بقي عايزك ترجعي البنت القوية وهخليكي تغيري جو البلد خالص وهاخدك عند رحاب بنت عمك مش كان نفسك تشوفيها
رمقته زوجته بامتعاض فهو يعلم ماهية تلك النظرة كيف تجد ابنتك راحتها في بيت عمها و زوجته التي تشبهها دائما بالحية في دهائها وخبثها لا تحب الخير لأحد بتا وخاصة زوجات أشقاء زوجها
حاسمة وقال
عموما أنا كلمت أخويا وقالي بيتي مفتوح في أي وقت وفرح جامد
تفوهت زينب دون أن تدرك فداحة سؤالها الأحمق
وياتري قولتله إيه سبب الزيارة والمفروض كلهم عارفين إنها كانت هاتتجوز بعد أسبوع
زفر بضيق من حماقتها المتسرعة فأجاب
قولتله محصلش نصيب عادي يا زينب دول بيبقو في يوم الفرح
وبتحصل مشكلة تافهة وكل واحد بيروح لحاله وبنتنا لسه صغيرة أنا بس اللي أستعجلت لما وافقت علي موضوع الخطوبة والجواز ياريتني كنت أستنيت لحد ما تخلص تعليمها زي ما أهل المدينة بيعملوا
عشان ساعتها أرمي عليكي اليمين
قالها بتحدي فاتسعت عينيها پصدمة لم يدع لها مجال الرد فغادر الغرفة حتي يستنشق الهواء ويكظم غضبه الذي لو أطلقه سيحدث ما لا يحمد عقباه
قالتها سحر لسائق سيارة الأجرة الذي ترجل لمساعدتها هي و ابنتها إسراء في نزول الحقائب المحملة من كل جميع أنواع الفواكه والخضار واللحوم
وبعد أن أفرغ سيارته من الحقائب سألها
تؤمري بحاجة تانية يا خالتو أم أحمد
أجابت وهي تخرج أوراق من المال من حقيبة نقودها
ما يأمرش عليك ظالم يابني تسلم يا حبيبي أتفضل
يابني دي لقمة عيشك وأنا ما يرضنيش كفاية تعبناك و خليناك تلف معانا من الصبح عقبال ما أشترينا الحاجات
أبدا يا خالتي ولا تعب ولا حاجة
قالها مبتسما وعينيه لا تفارق إسراء الشاردة في الفراغ مقطبة حاجبيها
وبعد الشكر والسلام طرقت باب المنزل فتحت لها مجيدة الباب بترحاب وحبور
ركضت مروة تلك الفتاة فطور شهية و يعقبها مشروب الشاي الساخن ويتبعه الفاكهة والتسالي
تسلم إيدك يا مجيدة ياختي
قالتها سحر فأجابت الأخرى بسعادة بالغة
دي حاجة بسيطة يا أم أحمد ويجي إيه في اللي محملاه مكنش ليه لزوم إحنا أهل مش أغراب
ربنا يخليه ويبارك لنا فيه
يارب بصي بقي إحنا أكلنا وشربنا الشاي وحلينا نيجي بقي للكلام المهم واللي جايلك مخصوص عشانه
نظرت مجيدة إلي إبنتها التي كاد يخرج من جانبيها جناحان من فرط السعادة لتوبخها والدتها أمام زوجة خالها وابنتها
فيه إيه يا مجيدة بتزعقي لها ليه خليها قاعدة تعالي أقعدي جاري يا مروة
نظرت الأخرى إلي والدتها تنتظر الأذن فرمقتها الأخرى بتوعد وقالت من بين أسنانها
قومي فزي اسمعي كلام مرات خالك
نهضت وذهب لتجلس بجوارها ربتت سحر علي فخذها وقالت
ده أنا هابقي أمها التانية إن شاء الله
ابتسمت مروة بخجل فقالت والدتها قبل أن تكمل سحر حديثها
قبل ما تقولي اللي أنتي عايزاه هو اللي سمعته عن خطيبة ابنك ده صح وعشان كده سابها
تلون وجه الأخرى بالحمرة من الغيظ
كانت خطيبته وأهي راحت لحالها ربنا يسهلها ويسترها علي ولايانا
ما هو عشان المحروس ابنك عامل زي القرع بيمد لبره
ما خلاص يا مجيدة أهو عرف غلطته وأدينا جينا لك نطلب إيد مروة لأحمد وياريت الأسبوع الجاي هيبقي شبكة وكتب كتاب والاتفاقات ما تحمليش همها ابني شقته زي ما شوفتيها والموبيليا كلها عمولة خشب زان أصلي ده غير النجف في كل الأوض والريسبشن وتكيفات وعلقنا الستاير وأشترينا المراتب و السجاد تيجي تنقيه العروسة بنفسها وعشان عارفه ظروفك خصوصا بعد ۏفاة أبو مروة الله يرحمه أنا كنت عاملة جمعية علي جمب كده هديها لأحمد يجيب المطبخ و الأجهزة الكهربائية و الفرش عليكي أنتي شنطة هدومها بس ها قولتي إيه
انبلجت السعادة والفرحة العارمة علي محياها فأجابت
هو فيه بعد قولك كلام يا مرات أخويا بنتي بنتك ومش هاتروح لحد غريب أنتي أمها وخالها أبوها و إبن أخويا شاب ماشاء الله عليه كان متربي علي أيدي
وبكده نقول مبروك ونقرأ الفاتحة
نقرأ الفاتحة من غير أخويا وابنه العريس
دي فاتحة محبة يا مجيدة لأن المرة الجاية هاتبقي فاتحة وشبكة وكتب كتاب
اللي تشوفيه عقبالك يا إسراء يا حبيبتي
كانت شاردة وكل ذهنها في صديقتها وحالها الذي يرثي له لكزتها والدتها في ذراعها
ما تردي علي عمتك يا بت
انتبهت إليهم فقالت
تسلمي ياعمتو وألف مبروك
انطلقت الزغاريد من فاه سحر و تبعتها شقيقة زوجها بعد قراءة سورة الفاتحة
توالت الأيام وكأنها سنين في مضيها وكان الحال لا يتغير مازالت في حالة سكون لا تتكلم لا تريد رؤية أحد بل تقوقعت
في عزلتها حتي جاء اليوم التي تعالت فيه الزغاريد من منزل عائلة كامل حماها سابقا فوصلت إلي أذنيها نهضت في لمح البصر بعد أن خفق قلبها ولا تعلم ما السبب وكيف لا يخفق و صاحب القلب الوحيد الذي أحبه يستعد الآن للذهاب إلي عروسه الجديدة يرتدي حلة سوداء وفي أبهي هندامه لكن عينيه مثل صحراء خاوية من الحياة جرداء من أي مصدر
للحياة كأنه مجبر وليس مخير وبرغم اعتراضه في بادئ الأمر علي قرار والديه لكن اعتراضه قوبل بالأمر الحازم وألا سوف يغضبون عليه وكانت حجتهم الواهية إنهما يريدان مصلحته وزيجته من ابنة عمته سينسيه ألف شمس و غيرها
وقفت خلف الستار بعد أن أطفأت الأنوار و يا ليتها ما وقفت ولا شاهدت أو سمعت ها هو يخرج من باب المنزل يحمل باقة من الزهور في يده ووالديه وشقيقته يرتدون ثياب خاصة بالإحتفال و قد وضحت الرؤية عندما خرج الجيران لتهنئتهم فقالت إحداهن
ألف مبروك يا أم أحمد لإسراء
أجابت سحر بنفي
لاء دي مش إسراء عقبال عندكم أحمد ابني رايح يخطب بنت عمته وكتب كتابه عليها الليلة دي عقبال عيالكم
وبعد أن تبادلن النسوة نظرات التعجب فأجابت السيدة
الله يبارك فيكي يا ختي ويتمم له علي خير وتكون جوازة الهنا إن شاء الله
أحمد! عقد قران علي ابنة عمته! كيف ومتي هل لهذا الحد يريد أن يمحوها من حياته!
هذه الأسئلة التي دارت في عقلها للتو مما جعل احتراق قلبها يزداد ضراوة حتي أصبح كالرماد في مهب ريح عاتية تبعثر ذراته بكل قوتها غير مكترثة
كفي كفاني ألما وجراحا أريد الابتعاد عن هذا الجو الملوث بالنفوس البغيضة
أوصدت النافذة كما أوصدت أبواب فؤادها المتهالكة ثم قامت بتجفيف عبراتها التي انهمرت رغما عنها فخرجت لتجد والدها يجلس أمام التلفاز يتصفح جريدة ورقية ووالدتها تحتسي كوب من الشاي وتشاهد مسلسلها المفضل
بابا أنا عايزة أسافر
قالتها
بنبرة يعلم والدها أن هناك خطب ما خلف قرارها دون أي نقاش
أجابت والدتها وهي تترك الكوب أعلي الطاولة
وليه الاستعجال ده أستني يومين كمان حتي تفوقي شوية
رسمت بسمة علي محياها متقنة الصنع وقالت
أنا كويسة ها يا بابا بكرة الصبح نسافر
أومأ لها والدها متفهما الحالة النفسية التي تخالجها حاليا فقال
حاضر يا حبيبتي روحي أنتي جهزي شنطة هدومك و نامي كويس عشان نمشي بعد صلاة الفجر في الروقان قبل زحمة المواصلات
أجابت باقتضاب
تصبحوا علي خير
وذهبت إلي غرفتها فقالت والدتها بحنق
أنت أي حاجة تقولك عليها البت حاضر ونعم! جري إيه يا محمد البت مش طبيعية مش شمس بنتي اللي عرفاها وبصراحة مش عايزاها تسافر عند أخواتك بحالتها دي
طوي محمد الجريدة التي بين يديه ووضعها فوق المنضدة قائلا
طالما ده هيخليها مرتاحة نفسيا فمفيش أي مشكلة أهم حاجة عندي راحتها ولو راحتها في آخر بلاد العالم هوديها ريحي أنتي بس نفسك وشيلي أخواتي وسلايفك من دماغك
وأطلق زفرة بتأفف ثم نهض تاركا إياها تتمتم بكلمات توبيخ و توعد
يسير في الردهة يحتسي من الزجاجة مباشرة وفي يده الأخرى سېجارة محشوة بخليط من المواد
أنا حمزة السفوري اللي الكبير پيترعب مني قبل الصغير أبويا يقولي أهرب
أشار إليه صديقه والمتمدد علي الأرض قائلا له
ياعم بقي أتهد وأقعد بقي من الصبح مصدع أمي وطيرت لي النفسين من نفوخي
أستدار له الآخر وأطلق صوتا قذرا فقال
هو أنا كنت بتكلم معاك يا حليتها أنا بتكلم مع نفسي
طيب ياريت تاخد نفسك وتركنوا في أي حتة بعيدة عني عشان مش ناقص صداع
رمقه حمزة بوعيد وقال
طيب يا روح خالتك من هنا ورايح شوف مين اللي هيشتري لك المزاج ولا الخمړة اللي بتطفحها دي و أبقي روح مد إيدك لمرات أبوك اللي مقشطاه أول بأول
ضحك الآخر بتصنع وقال
أي يا عم كنت بهزر معاك في إيه ياصاحبي أرغي براحتك ولا أقولك أحكيلي تاريخ وأمجاد عيلتكم
حدق نحوه بنظرة دونية من أعلي إلي أسفل ثم قهقه حتي توقف وتحولت ملامحه إلي شخص آخر فقال لنفسه
أبويا سابنا أنا وأمي لجدي وسافر الخليج عشان يشتري لنا بيت خاص بينا غير بيت جدي اللي كان مليان مشاكل وخاصة من عمي الو
يالهوي يالهوي يخربيتك يا هدي
نهض من جوارها
بطلي ولوله وسبيني أنا هاتصرف معاه بنفسي
أقترب من الصغير ونظرات عينيه تنضح بالړعب
حتي رأي بنطال الصغير قد تبلل وهو يتراجع إلي الخلف يستعد للهروب وقبل أن تتحرك قدميه إلي الخارج خطوة واحدة كان في قبضة هذا الۏحش كتم أنفاس الصغير وقام
بربطه في التخت ثم كمم فاهه بقطعة من القماش حتي لاتصل صرخاته إلي الجد القعيد في الردهة خارجا
وبكل قسۏة و عدم إنسانية تناول عصا غليظة وهبط بها علي جسد الصغير بلا رحمة لم يكتف بذلك بل أمسك بالمقص والشفرة الحادة وأنهال علي رأس الصغير يقص خصلاته بعشوائية حتي أصبح رأسه حليقا ومليئة بالچروح والخدوش و برر فعلته لزوجة أخيه المتسمرة في مكانها وخشيت أن تصيح وتمنعه حتي لا يفتضح أمرها قال لها
كده مش ها يقدر ينطق ولا يقول اللي شافه وحلقة راسه دي مش هتخليه يعتب بره باب الدار تاني
و من تلك اللحظة تحول الصغير إلي شخص آخر قلبه مليء بالحقد والكراهية وبرغم امتناع والدته عن أفعالها الآثمة وأخذت تتوسل إليه ليسامحها وقامت بإقناعه إنها قد تابت لكن لا تعلم بإن ما رآه وحدث له علي يد عمه جعله ما هو أصبح عليه حاليا بينما عمه ترك المنزل للأبد قبل عودة أخيه وذلك بعدما أكتشف معرفة والده القعيد بعلاقته بزوجة أخيه
وطلب منه بأن يرحل ويبتعد