كاليندا بقلم ولاء رفعت
خشيت هدي من حماها وخاصة بعد أن قام بټهديدها فقررت التخلص منه بتفريغ حقنة هواء في ذراعه لم يتحملها وتوفي علي الفور ولم تدرك أن صغيرها رأي فعل آخر لها أكثر قذارة وۏحشية
عاد من ذكرياته السوداء علي رنين هاتفه ليجد المتصل به والدته فأجاب
ألو
أنت فين
عايزة إيه
عايزاك ترجع البيت وتبطل صياعه عند أصحابك
ويهمك أمري أوي كده ولا ناسية اللي عملتوه فيا أنتي وعمي زمان يا هدي هانم!
بقي كده يا حمزة! طيب خليك عندك وأياك ترجع عشان لو شوفتك هاموتك
رد بتهكم ليصفعها بكلماته
زي ما مۏتي جدي
أوصدت المكالمة بدون أن تجيب فهي تعلم إنه في حالة ثمل شديدة وخشيت إنه لو عاد يتفوه بكلماته التي ستفتح عليها أبواب الچحيم
انتبهت علي حديث والدها وهو يقول
يلا يا شمس يا حبيبتي وصلنا وعمك مستنينا بعربيته
ترجلت من السيارة ليتبعها والدها فهما الآن في ميدان رمسيس وكان بانتظارهما عمها أو الحاج محمود كبير العائلة أستقبلهما بالترحاب والعناق والفرح يكسو ملامحه أخذهما بسيارته إلي منزله الذي يقع في مدينة حلوان وفي الطريق تبادل الشقيقان الحديث ما بين السؤال عن الحال والصحة كما أوضح محمد لشقيقه بأن ابنته تمت فسخة خطبتها وعلل بسبب كاذب حتي لا تحدث کاړثة و يتثنى له الوقت المناسب ويرفع القضية علي نجل السفوري لكنه منتظر استقرار حالة ابنته النفسية بدلا من أن يحدث لها انتكاسة
إلا مالك يا شمس كده خسانة أوي وبقيتي معضمة ده حتي المفروض فرحك الأسبوع الجاي
زجرها زوجها بنظرة ڼارية لتصمت فأجاب محمد
المذاكرة والثانوية العامة بقي وبالنسبة للفرح محصلش نصيب الحمدلله
ليه كده كفي الله الشړ ده إحنا كنا لينا قعده مع بعض تحكي لي فيها إيه اللي حصل
صاح بها زوجها
حطي الفطار يا شوقية وسيبي البنت ترتاح من السفر
الفطار جاهز يا حاج هاحطوا عقبال ما الجماعة يغسلوا إيديهم ويغيروا هدومهم
قالت شمس
معلش يا طنط مش هاقدر أفطر أنا هادخل أنام شوية
فأجاب عمها
ولجت شمس إلي داخل الغرفة ذات الأثاث البسيط وابنة عمها تغط في
النوم تركت حقيبتها جانبا و خلعت وشاحها ثم تمددت بجوارها ولأنها مستيقظة من قبل صلاة الفجر غلبها النعاس فأسدلت جفونها الواهنة و ذهبت إلي العالم التي تتمني أن تمكث فيه وتبتعد عن واقعها البائس
الفصل السادس
يتأمل مياه النهر الجارية يري صورتها تطفو وهي تبتسم إليه ثم تحولت تلك الإبتسامة المشرقة إلي وجوم ووجه عابس عبرة تساقطت من ذهبتيها التي لن ينساها بتا أنتشله من لحظات تأمله صوت لم عليه بعد قائلة له
أحمد مالك من ساعة ما جينا وأنت سرحان ولا حتي عبرتني بكلمة
حدق إليها بامتعاض وكأنه مجبر علي جلوسه برفقتها أجاب
عايزاني أقول إيه يعني يا مروة
بادلته بنظرة عتاب وقالت
أول خروجة لعريس وعروسته بعد خطوبتهم وكتب كتابهم المفروض يقولها إيه! ده أنت حتي مهنش عليك تقولي أزيك إمبارح قاعد جمبي في الكوشة ونازل عليك سهم الله واللي يجي يبارك لنا ما
تردش عليه لما خليت شكلي وحش وسمعت تعليقات سخيفة
زفر بضيق وينبلج علي ملامحه الضجر قائلا
معلش حقك عليا أصلي مضغوط في الشغل اليومين دول وساعات بنطبق شيفتات زيادة فببقي مصدع ومش مركز خالص
أقتربت منه ووضعت يدها علي يده قائلة بلهفة
خلاص تعالي روح عندنا ريحلك ساعتين أو زي ما أنت عايز ولما تصحي نقضي باقي اليوم مع بعض وأعملك الأكل اللي بتحبه
سحب يده مما جعلها تشعر بالحرج وقال
خليها مرة تانية أحسن
جاء النادل يحمل كأسين من عصير المانجو الطازج وطبقين يعلوهما قطعتين من الحلوي قام برص الكأسين والأطباق ثم سأله
أي خدمات تاني يا فندم
لاء شكرا
بينما هي نظرت إلي طبق الحلوي بإشتهاء وقالت
الله شكل التشيز كيك يجنن أنا بحبه أوي
غرزت الشوكة وحملت قطعة صغيرة وأبتلعتها بإستمتاع فأردفت
أنا عارفة إنك بتحبه أوي عشان كده هاتعلم طريقته وأعمله لك لما نتجوز
كان هو شاردا في موقف مشابه
تماما عندما كان يتنزه مع شمس برفقة شقيقته التي كانت تتركهم بمفردهما وتجلس علي بعد مسافة تاركة لهما الخصوصية
مشهد سابق
يقطع أحمد قطعة بالشوكة خاصته و يمدها أمام فمها فقالت له شمس بخجل ووجنتيها شديدة الحمرة من الخجل
بتعمل إيه الناس بتبص علينا
ضحك وقال
واحد بيأكل حبيبته اللي هاتبقي مراته فيها إيه ما بنعملش حاجه حرام
أومأت له وأجابت
عارفه بس بتكسف أوي و بعدين ما بحبش الجاتوه
سألها بنبرة رومانسية حالمة
طيب بتحبي إيه وأنا هاجيبه لك حالا
أجابت وتنظر في الفراغ تفكر
حاجة حلوة كدة دوقتها في مرة عند واحدة صاحبتي إسمها إيه يا شمس إسمها إيه آه أفتكرت إسمها تشيز كيك
نهض ووقف ثم أنحني في عرض مسرحي قائلا
طلباتك أوامر يا مولاتي
أعتدل وقام بمناداة النادل فجاء له مسرعا
أمرك يافندم
سأله الآخر
عندكم تشيز كيك
أجاب النادل
اه يافندم عندنا كذا نوع بالفروالة أو الشيكولاتة والمانجا وبالتوت
نظر أحمد إلي شمس وسألها
بتحبيها بطعم إيه
إبتسمت بسعادة وأجابت
بالمانجا
قال أحمد للنادل
أتنين بقي وصاية وكتر المانجا
اومأ له النادل قائلا
تمام يا فندم
عودة للوقت الحالي
عاد من شروده وتذكره للموقف القديم ليجد مروة تنهض وتلملم هاتفها وحقيبتها تتمتم بكلمات غير مفهومة وهنا أنتبه إلي خطأه الفادح وهو التجاهل
أمسك معصمها وسألها
بتعملي إيه
جذبت يدها بحدة وأجابت
بعمل اللي المفروض يتعمل من ساعة ما جينا وعماله أكلم فيك وأحاول أغيرلك مزاجك وبرضو متجاهلني كأني هوا قاعد قدامك
قال لها بنبرة يستعطف سجيتها وقلبها النقي
عشان خاطري أقعدي بس و ما تفهمنيش غلط
صاحت في وجهه بحنق
لاء فهماك صح يا إبن خالي وأنت فاهم وأنا فاهمة بس كنت بقول لنفسي أصبري عليه يابت يا مروة لما يفوق من الصدمة اللي هو فيها لسه مش هينساها بسهولة ده مكنش بينهم خطوبة يوم ولا أتنين ده سنين غير عشرة الجيرة اللي ما بينهم
وفرتي عليا اللي كنت هقولهولك و زي ما قولتي كده بالظبط فعلا لسه ما نستهاش وقلبي مهوش كارت ميموري أمسح اللي أنا عايزه وقت ما أحب
أبتسمت بتهكم وتحدق إليع بنظرة سخط قائلة
ولما الحكاية كده ليه جيت طلبت إيدي وعارف ومتأكد إن أنا زي الهبلة هوافق وطبعا مرات خالي واثقة من كده فقالت
لما أجوزه بنت عمته العبيطة اللي هاتموت عليه من زمان خليها تنسيه البنت اللي كان خاطبها
كاد يجيب ولكن قاطعته بنبرة حادة قوية تثأر بها لكرامتها
و لما أنت بتحبها أوي مكملتش معاها
ليه! ولا عشان الهانم خلاص ما بقتش تنفع بعد ما علم لك عليها ابن حماد السفوري وخلاك لبانة في بوء أهل البلد
و ما كان ينقصه تلك الكلمات التي حولته من حمل وديع إلي وحش ثائر أو يمكننا قول أصبح كالبركان الذي أنفجر لتوه تتقاذف من عينيه الحمم والجمار المشټعلة شعرت بلهيب علي وجنتها بعدما هبط علي وجهها بلطمة قوية أخرج فيها ما يكمن من غضبه وهو يصيح بها
أخرسي
غرت فاها وأتسعت عينيها التي كادت تخرج من محجريهما و إنها لثوان مرت حتي أدركت ما فعله بها صړخت به وهي تخلع خاتم الخطبة ثم ألقته في وجهه
طلقني أنا بكرهك
و في اليوم التالي قام محمد بتوديع أشقائه متعللا بعمله حيث لم يستطع التغيب عنه أكثر من ذلك وترك لهم ابنته أمانة لديهم مع كثير من التوصيات عليها إلي شقيقه محمود وزوجته
بينما شمس كانت تجلس مع ابنة عمها رحاب التي تكبرها بعامين وتدرس في الجامعة
بجد مش مصدقة نفسي يعني كان لازم عمو محمد يجيبك بنفسه وإلا كده مكنتش شوفتك خالص ده غير طبعا إن كلها أيام وهتتجوزي و زي أصحابي مش هاشوفك غير في المناسبات وإن جوزك خلاكي تحضري
تبدلت ملامح شمس من الإبتسامة إلي الحزن وهي تنظر إلي بنصرها في يدها اليمني فارغا من خاتم الخطبة الذي ترك أثره ولم يزول بعد ردت بتوتر
ماتضايقيش ياستي أنا قاعدة معاكي و مطولة شوية وبالنسبة للفرح خلاص مليش نصيب أكمل
هو إيه اللي حصل
رغما عنها ذرفت عينها عبرة بلورية أنسدلت علي وجنتها
جعلتها تشيح وجهها وغير قادرة علي التحدث وقفت رحاب أمامها رفعت وجهها من طرف ذقنها
شمس أنا آسفة وحقك عليا لو سؤالي زعلك وخلاكي ټعيطي بس أعذريني أنا سألتك عشان عارفة اللي كان مابينك أنتي و أحمد مكنتش مجرد خطوبة ده حب عمره سنين فاكرة لما كنتي بترغي معايا بالساعات عنه و عن نظرات حبه ليكي لحد ما جه طلب إيديكي كل ده راح إزاي
تريد الإجابة لكن ماذا عساها أن تخبرها ما حدث ليس بالأمر البسيط يمكن ذكره وكأنها قصة عابرة فابنة عمها صديقتها الثانية بعد إسراء و موضع ثقة و بئر أسرارها منذ الطفولة ودت لو أن تحكي وتبوح بكل شئ لكنها تخشي تلك النظرة التي تجدها في أعين كل من يعلم بما حدث معها هذه النظرة كالسکين المشټعلة فوق قطع الفحم المتوهجة يمسك بها صاحبها ويغرزها بداخل فؤادها الواهن
أنفتح باب الغرفة وظهرت زوجة عمها لتنقذها من الإجابة علي سؤال رحاب لكن لهجة تلك المرأة أعلنت عن ناويها الخفية التي تضمرها وتتظاهر بعكسها
والله عال سايبيني طالع عيني في شغل الشقة وعمايل الأكل والهوانم قاعدين يتساهروا
تأففت ابنتها وقالت
مش الشقة دي لسه عملاها لك أول إمبارح ومخليها لك فلة
صاحت بها وهي تزجرها بنظرة حادة
وأنتي بتسمي شغل الطلسئة ده ترويق قومي منك ليها وقسموا الشغل علي بعض وتلموا السجاد والمشايات وتغسلوها في المدخل
أجابت ابنتها بسخرية
إيه كل ده يا ماما هو العيد بكرة وإحنا ما نعرفش!
لكزتها والدتها پعنف وقالت
لاء يا حلوة يا أم لسانين أهل خطيبة أخوكي محمد جايين بعد بكرة وبعدين هنا كل واحد لازم يخدم نفسه أنا مش الخدامة اللي جبهالكم أبوكم
ألتفت رحاب إلي شمس وهي ترفع أكمامها عن ساعديها قائلة
معلش يا
شمس أستنيني أخلص اللي ورايا وجاية لك ما تنميش بقي
صاحت شوقية بإعتراض وكأن حدثت کاړثة
ده مين دي اللي تستناكي وما تنمش! مش بنت زيها زيك وده بيت عمها مش حد غريب ده غير