الخاتمة الثالثة آل الچارحي
السيارة أخيرا بزقاق أحد الحارات الشعبية ومع ذلك لم تنتبه لتردد جملة حازم
_وصلنا يا نسرين إنزلي!
تائهة هي بين ما يطرحه عقلها من هواجس تخشى من تلك اللحظة التي يريها بها فتاة ويقدمها كابنة له صنع لها عقلها عالم يذبحها كلما مرت الدقائق عليها أفاقت من غفلتها على هزة يد زوجها وهو يردد بقلق
_نسرين
_وصلنا!
قال ونظراته تحيطها بدهشة
_مالك يا حبيبتي سرحانه في أيه
هزت رأسها تنفي ما يعتريها وأخبرته بجمود
_إنزل نروح مشوارك المهم.
هز رأسها بخفة رغم جدية نبرتها الجافة فهبط من السيارة يجمع الأكياس من المقعد الخلفي ثم إتجه للزقاق الجانبي اتبعته وقلبها يزيد من ضغطه العارم عليها تشعر وكأنها على بضعة خطوات تفصلها عن ۏجع سيصيبها لا محالة انتهى بها الأمر عند ذاك الباب المتهالك وحينما طلت من خلفه تلك الفتاة الصغيرة بملابسها الشبه ممزقة والمتسخة ومن خلفها عجوزا تستند على عصا خشبية يبدو لها بأنها جدتها انحنى تجاهها حازم فداعب ذقنها بيده برفق وهو يخبرها ببسمة هادئة
فتشت الفتاة بين الأغراض بسعادة رسمت على وجهها مع كل زي تتأمله فرحتها زرعت الابتسامة والدمع بأعين حازم فمسد على شعرها بحنان وناولها أخر كيسا بلاستيكيا وهو يؤكد عليها
_هترجعي المدرسة تاني أنتي وعدتيني يا أشرقت
أومأت برأسها عدة مرات وهي تتابع جدتها لتمنحها الإذن بما تود فعله تعجب حازم وهو يراقب ما يحدث بينهما فتخشب جسده حينما ارتمت الصغيرة بأحضانه بأمان حصلت عليه بعد تعامله الحسن معها بالبداية كانت تخشاه من تحذيرات جدتها المشددة بعدم الوثوق بأي شاب أو رجل كونها فتاة تتعلم من الصغر الحفاظ على ذاتها ضمھا حازم إليه بسعادة وعينيه يسكنه الدمع تأثرا بتلك الفتاة التي حاذت بعطفه وحنانه منذ أول نظرة.
أزاحت دمعاتها وأسرعت إليه تقابلها بابتسامة هادئة فانحنت إليها وهي تطبع قبلاتها على جبينها بتأثر شعرت الفتاة بالراحة لوجودها وشعورها بحنانها الغير زائف قدم حازم للجدة مبلغ ضخم من المال وغادر على وعد القدوم من الوقت للأخر للاعتناء بالفتاة الصغيرة وتركهما وانضم لنسرين التي تنتظره بالسيارة فما أن صعد لجوارها حتى ارتمت بأحضانه باكية أسبل بعينيه باستغراب فأبعدها عنه وهو يسألها بلهفة
أزاحت دموعها وهي تخبره بحزن
_أنا أسفة يا حازم.
رفع أحد حاجبيه بذهول
_على أيه!
ازداد نحيبها فجذب المناديل الورقية الموضوعة على تابلو السيارة وقدمها لها مرددا بفزع
_طيب اهدي وفهميني مالك
جذبت المنديل منه وجففت دموعها بينما تابع هو بفضول عما أصابها فقال
_محتاجة فلوس وسرقتيني وبتعتذري بعد ما حسيتي بالندم مثلا!
_مخنوقة مني من حاجة وقررتي فجأة نتكلم فيها خاصة بعد ما قلبك قسي عليا!
هزت رأسها مجددا فزفر بضجر
_يا بنت الحلال أنا صايم ومرهق مش قادر أفكر في شيء فقوليلي في أيه عشان نلم اللي نقدر عليه قبل ما فضايحنا تنتشر بالقصر أكتر من كده!
أزاحت دمعاتها وهي تهمس من بين بكائها الخاڤت
_بأحبك.
ضيق نصف عين بقلق من نبرتها المريبة فعاد ليتساءل ببلاهة
_وده سبب اعتذارك ولا ندم لحبك ده
عادت لتتحلى بالصمت فصاح بملل
_اخلصي يا أمي فجأيني بالمصېبة اللي بعد كده أنا عارف الحالة دي وشامم ريحة مش تمام.
وأشار بيده
_هلي عليا بمصيبتك بس واحدة واحدة الله يكرمك إحنا في صيام!
عادت لأحضانه من جديد فابتسم رغما عنه وهو يضمها لصدره متكئا بوجهه على رأسها وصرح لها بصوته المنخفض
_طيب أيه إحنا في صيام!!!
واسترسل بمرح حينما وجدها تفارق أحضانه بخجل
_مش هيبقى فعل ڤاضح بالطريق العام هيبقى أداب!!
لكزته بضيق فتعالت ضحكاته خاصة حينما شاركته الضحك قاد حازم سيارته ليعود للقصر وحينما وجدها هدأت تماما لجواره سألها باهتمام
_ها مش هتقوليلي بقى مالك
اعتدلت بجلستها إليه وقالت وهي تفرد فستانها الملتصق على ساقيها
_بصراحة يا حازم أنا ظلمتك.
حال عينيه عن الطريق إليها
_انتي طول عمرك ظلماني وجاية عليا.
واسترسل دون أن يترك لها مجالا
_بس كنت واثق إن هيجيلك يوم تحسي بغلطتك البشعة تجاه العبد لله.
تقوست شفتيها بضيق اتبع نبرتها المحذرة
_حازم!
غمز لها بمشاكسة لم تتركه
_وماله المهم إنك حسيتي بالنهاية.
ورفق يده على حجابها بحنان وهو يحثها بمشاغبته الغير مجدية بالنفع ابعادها عن شخصه الشبابي
_احكي وإتأسفي واندمي براحتك يا روح قلبي أنا سامعك للفجر لأ للمغرب عشان فقرة الفطار!
_كنت فاكراك متجوز عليا!
تلاشت ابتسامته بشكل صاعق فأوقف سيارته فجأة بصورة جعلتهما يرتدون للامام معا والاخيرة تصرخ به
_حاسب يا حازم!
الټفت إليها بنظرة قاټلة وكأنها ألقت بوجهه قنبلة ڼارية وتركتها له فصاح بعنفوان
_اتجوزت