دواعي أمنية مشددة من الفصل السادس والعشرين حتي الثاني والاربعون
ليه عملت ده واشمعنى أنا ليه !!
ضغط على المقود بكفيه مفرغا فيه شحنته العصبية لعجزه عن الإجابة عنهم ..
قطع أشواطا مخترقا الزحام المروري بصعوبة حتى وصل أسفل بنايتها .. ثم رفع رأسه للأعلى ليحدق بالطابق المتواجد به منزلها ..
طالت نظراته الممعنة وفي النهاية تحرك بالسيارة ليبحث عن مكان شاغر ليصفها به ..
ترجل منها وجاهد ليضبط انفعالاته بالرغم من التشنجات الظاهرة على قسمات وجهه ..
مقدم مسعد غراب ! قوات مسلحة !
ظن حارس البناية أنه يستخف به فسأله بأدب
ممكن بطاقتك لو سمحت
أشهر له مسعد هويته وهو يرد بتهكم
ولو تحب أجيبلك الكتيبة كلها هنا عشان تتأكد معنديش مانع !
اضطرب الحارس بعد أن تحقق منها وأدى له التحية وهو يقول بصوت شبه مرتجف
ولم يسأله المزيد فيكفيه إطلاعه على هويته وربطه بهوية الساكنة بالطابق العلوي ليخمن من هو ....
وبالفعل ولج مسعد إلى داخل بهو البناية الحديثة واستقل المصعد ليصل إلى الطابق المتواجد به منزل سابين ..
ومع كل خطوة كان يخطوها نحوها تتسارع فيها دقات قلبه ..
ورغم حنقه منها إلا أنه لم يستطع إنكار حالة التخبط التي أصابته في مشاعره ..
وقف أمام باب منزلها وحدق فيه بنظرات مطولة قبل أن يمد يده ليقرع الجرس ..
انتظر للحظات قبل أن يسمع هتاف طفلة صغيرة مصحوبا بخطواتها وهي تركض ناحية الباب لتفتحه دون تردد ..
فتحت هي الباب على مصراعيه ووقفت على عتبته وهي تهز جسدها ببراءة وهتفت بإبتسامة
ابتسم لها مسعد بعد أن أخفض بصره نحوها وتفرس في ملامح وجهها البريء الذي كان مختلفا كليا عن وجه سابين وسألها بنبرة هادئة
ماما فين
أشارت الصغيرة بيدها للخلف وهي تجيبه ببراءة
جوا !
استمع هو إلى صوت سابين وهي تهتف بإنزعاج من الداخل قائلة بلكنتها الغريبة
جينا انتي افتحي بدون أنا again مرة أخرى !
رفعت تلقائيا عينيها للأعلى لتنظر في وجه الشخص المتواجد أمامها فتجمدت نظراتها عليه بعد أن انفرج فمها مفتوحا من الصدمة الغير متوقعة بالمرة ...
تسمرت مذهولة في مكانها وظلت محدقة به دون أن ترمش للحظة ..
صمت رهيب ساد بينهما للحظات معدودة قبل أن يقطعه مسعد قائلا بصوت متحشرج يحمل التهكم والسخط
اهلا يا سابين ! ولا أقولك أحسن مدام صابرين موسأد غراب !!!!
لم تتحمل هول المفاجأة المباغتة من قبله وشعرت بعجز ساقيها على الصمود وبتراخي قواها كليا فجأة ..
ارتجفت بشدة وجف حلقها وتشوشت الرؤية في عينيها وترنح جسدها للأمام والخلف وبدت كمن على وشك الإغماء ..
أسرع مسعد بإسنادها من ذراعيها قائلا بغلظة
مش هتخيل عليا الحركات دي !
أسفل البناية
التفتت إيناس برأسها للخلف لتجد باسل مقبلا عليها وهو يحمل في يده باقة ورد صغيرة ..
عبس وجهها فور وقوع عينيها عليه وزادت حدة نظراتها المحتقنة نحوه ونفخت بغيظ منه ..
تفهم هو تصرفاتها الطبيعية تجاهه ولما لا فهو قد أساء إليها بصورة مبالغة وترك في نفسها أثرا سيئا ..
اقترب ببطء منها حتى وقف قبالتها ثم أردف متساءلا بصوت رخيم
عاملة ايه
نظرت له شزرا وردت عليه بنبرة محتدة ومنفعلة نسبيا
ضغط على شفتيه بقوة مسيطرا على نفسه فلا داعي للاشتباك أو التشاجر معها أمام المارة بسبب فظاظتها واجتذاب الأنظار نحوهما ..
تصنع الابتسام وهو يرد عليها بهدوء عجيب
على فكرة أنا واقف مستنيكي من بدري !
ثم أخفض نبرة صوته وأسبل عيناه وهو يتابع موبخا إياها بحذر
فعيب عليكي تردي عليا بقلة أدب !
استشاطت ڠضبا من تعنيفه الغير مبرر لها واستنكرت ما قاله فهو أكثر من تبغضهم في حياتها ولذلك ردت عليه بإستهجان وهي ترمقه بنظراتها المشټعلة ومشيرة بكف يدها في الهواء
عيب عليك إنت لما تقف كده في الشارع وتستنا أخت صاحبك زي الشباب الصيع !
نظر لها مشدوها واصطبغ وجهه بحمرة غاضبة من هجومها اللاذع عليه ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد حيث أضافت بوقاحة متعمدة اهانته
إنت كبرت على حركات العيال دي يا أبيه
أغمض عيناه للحظة ليسيطر على نوبة ڠضب توشك على الانفجار في وجهها فتطيح بها .. ربما هي محقة في جزء مما قالته ولكنه لا يستحق كل هذا التطاول منها ..
مش قولتلك تبطلي الكلمة دي !
نظرت له بإستخفاف وسألته بعدم اهتمام بتلك النيران التي تراها تتراقص متأججة في عينيه
جاي هنا ليه
تجاهل نظراتها متعمدا وأجابها بجدية وهو مكور لقبضة يده
كنت عاوز أقولك إني فركشت مع ناتالي !
لوت ثغرها مستهينة بما صرح به وردت عليه بعدم اكتراث
وأنا مالي ما تخطب ولا تتجوز ولا تفركش !
رد عليه بإمتعاض
انا قولت الموضوع يهمك !
صاحت به بعدم مبالاة وهي تشيح بيدها في الهواء
بتاع ايه يهمني أنا ماليش دعوة باللي يخصك !
حذرها بعينيه قائلا بصرامة
لمي ايدك وانتي بتكلمي معايا
نظرت إلى حيث أشار وبرزت عروقها الغاضبة من أمره الحاد إليها وتفاجئت به يمد يده نحوها ليعطيها باقة الورد وهو يقول بنبرة شبه هادئة
اتفضلي ده عشانك !
نظرت إلى الباقة بإزدراء وتمتمت بإستغراب
نعم
أضاف قائلا بسخط قليل
يا ريت بس يعجبك ! ولو إني عارف إنك مش بيعجبك العجب !
ثم ابتسم بسخرية وهو يتابع قائلا
بس يالا أنا قولت الصلح خير وأهو نبدأ مع بعض من أول وجديد وننسى اللي فات !
شعرت إيناس بأنه يتفضل عليها بما يفعله وأن تلك الباقة ما هي إلا وسيلة رخيصة لإشباع غروره وتعاليه وليس إعتذارا حقيقيا منه ..
لذا جذبتها منه عنوة دون أن تنطق وألقتها على الأرض بعصبية فصدم مما فعلته بها وقامت بدهسها بقدمها لتفسدها وهي ترد بعصبية
وأدي الورد اللي انت جايبه ده مصيره !
تحولت حدقتيه لشرارتين متقدتين وكان على وشك ټعنيفها لولا انفعالها قائلة
أنا بأكرهك وبأكره أي حاجة منك فيا ريت ما أشوفكش ولا تشوفني تاني !
ركلت بعدها ما تبقى من الباقة بقدمها لتطيح بها في الهواء وتابعت بفظاظة محدثة نفسها بصوت عالي وهي توليه ظهرها
كفاية بقى كانت معرفة سودة جت على دماغي في الأخر !
تجمدت قدماه في مكانه وعجز عن الرد عليها ..
تساءل مع نفسه بحزن واضح وهو يراها تختفي من أمامه
ألهذا الحد تبغضه هل أذاها بشكل بشع جعلها لا