احفاد الچارحي الجزء الخامس من الفصل الأول حتي الثالث
تحرك لسانه لينطق عما يود قوله
_اللعبة اللي اختارتوها مسلية بس للأسف مفهاش إثارة!
وحينما أشار بأصبعه لمن يقف على بعد مسافة منه هرول السائق إليه ثم وضع من أمامه ملفين قد أتى بهما من السيارة تعمد ياسين أن يدفعهما بقوة على الطاولة لتصل للمقعد الذي يعتليه ابنه فتفحص الملفين وهو يتساءل بدهشة
تركه يفتحهما على مهل ثم قال والمكر يتراقص بين حدقتيه
_زي ما أنت شايف صفقتين مهمين جدا لشركتنا.. ويهمني أننا ناخدهم الاتنين.
مال ياسين وعمر برأسهما تجاه الملف الذي يحمله عدي الجالس بالمنتصف فانعقد حاجب ياسين بذهول اتبع قوله المندهش
_بس يا عمي الصفقتين بينافسوا بعض أكيد المناقصة هترسى على عرض واحد من الاتنين!
_وبالتالي صفقة واحدة منهم اللي هتم فيهم فازاي حضرتك بتقول ناخد الاتنين لشركتنا!!
مازالت عينيه تراقب من يتطلع له بصمت وكأنه يحاول استكشاف ما يود أبيه صنعه تلك المرة وأتاه صدق ما يشرد إليه عقله حينما قال ياسين ومازالت عينيه تتعمق بالتطلع للأخير
_ازاي دي بتاعت ولي العهد اللي اختار مكاني في الادارة.. ولازم يكون أد منصبه ويحل أي مشكلة ممكن تواجه المقر زي ما انا كنت هعمل بالظبط.. والإ مش هيكون جدير بالمنصب ده ولا أيه
_اعتبر الصفقتين تبعة لشركات الچارحي.
ووضع الملفين على الطاولة ثم أخذ يراقب ردة فعل أبيه حينما يكرر سؤاله على مسمعه مجددا
_هي ماما مرجعتش مع حضرتك!
مال ياسين بمقعده جانبا وبحركة فزعت الجميع جذب أحد المقاعد المصفوفة على طاولة فارغة من خلفه ثم وضعه قريبا من مقعده وهو يشير لعدي بأن يعتليه فعلم بأنه يود الحديث معه دون أن يستمع إليهما أحدا فنهض واتجه للمقعد القريب من أباه للغاية جلس وهو يراقب ما سيقوله فمنحه ياسين بسمة خبيثة ختمها بقوله الساخر
تهدلت شفتيه بابتسامة حملت معنى اللامبالة فهمس لابيه بصوت منخفض
_مبقتش أخاف من الحړب اللي هواجهها مع حضرتك.. تقدر تقول اتعودت عليها والتعود بيولد خبرة يا باشا.
_والتعود ده بقى مسيطر عليك حتى وأنت شايف شخص متدني عينه زاغت على والدتك وأنت واقف وراضي عن كلامه الحقېر ده.
رمش بعينيه بتوتر من معرفته بما حدث بالمشفى حينما مرضت آية على طريق سفارها مع عدي لشراء بعض المستلزمات فاسترسل ياسين حديثه بتوعد مهلك
احتدت نظراته تجاهه فجذب ياسين عصيره ثم ارتشفه على مهل وهو يجيبه ببرود
_مش كل العواقب بتكون برفع الأيد يا حضرة الظابط.. في قرصة ودن بتعلم من غير ما ټأذي الجسم.
وغمز بعينيه بمكر
_وأنت أكتر واحد فاهم الكلام ده ولا أيه!
اشټعل الڠضب بداخله لاستهزاء أبيه الصريح على انفعالاته بالتعامل وكأنه يذكره بالفرق الصارخ بينهما يقارن هدوئه وحرفيته بحل الأمور بتهوره الشرس فليس كل عقاپ يشمله العڼف الجسدي ربما لدغة صغيرة تمس عمله أو معاتبه مديره لما يفعله الطبيب مع مرضاه من مغازلة غير مرضية بالمرة وخاصة لشخص مثل ياسين الچارحي كانت كافية عاد لينتصب بجلسته بشموخ فقال بجمود سيطر عليه فجأة وصوت مسموع للجميع
_وجودي هنا النهاردة بالرغم من سفري عشان أكدلكم أني حتى لو بعيد فأنا أقدر أكفي بواجباتي كويس والمرادي مجاليش شكوة واحدة.. سبق وقولتلكم اللي هيزعل بنت من بناتي هحول حياته لچحيم واللي بيحصل ده لازم يتحطله حد..
ابتلع رائد ريقه بصعوبة بالغة بينما عبث جاسم بالمناديل الورقية من أمامه اما حازم فكاد بالسقوط أسفل الطاولة من فرط انحناءة جسده للأسفل أما أحمد فقال بابتسامة هادئة
_وجودك بينا يا عمي هو اللي حلى القعدة دي.. حتى لو جاي عشان تنصف البنات مش مهم المهم ان حضرتك رجعت.
رغما عنه ارتسمت بسمة صغيرة على وجهه الجامد فأحمد بمثابة ابن حقيقي له فقال بمحبة اتبعت نبرته الدافئة
_أنا راجع تاني يا أحمد.. بس حبيت أبين للاساتذة اني موجود حتى لو كنت بعيد!
ارتبك الشباب في وجوده بينما رفعت الفتيات رؤؤسهم بتفاخر بوجود حليفهم القوي والسند الذي لا يستهان به وكأنهن أتين بمن نصفهم على الظلم القابع عليهن كالطفل الصغير الذي تعرض لعقۏبة وظلم طائل فلجأ لوالده الذي لم يخيب ظنه فعاد لمن تسبب له بالأڈى متبخترا لاتباع أبيه له وحرصه على رد العقۏبة لمن فعل أذيته بابنه الصغير!!
عاد صوت ياسين يزلزل مسمع الجميع من جديد حينما أضاف
_ الزوجة عمرها ما كانت مطالبة انها تكون خدامة ومربية للاولاد عشان تيجوا انتوا وتهينوا بناتي على أخر الزمن.. مفيش أكتر من الخدم بالقصر وكان بإمكاني اجيب للاولاد مربية بس أنا مش حابب ده.. زي ما أنا مش عايز الشغل ياخدكم عن اولادكم عشان تقدروا تزرعوا فيهم اللي ربناكم عليه مش عايزكم كمان تقصروا مع زوجاتكم.. لان الاتنين زي بعض.. علاقتك مع ابنك مش هتكون قوية وفي اضطرابات ومشاكل بينك وبين مراتك ياريت نفهم ده كويس.
وبهدوء استرسل
_أظن كلامي اتفهم كويس
وحينما لم يأتيه رد اعتراضي عما قال.. هز رأسه وهو يردد
_عظيم.. ودلوقتي حابب أكون مع بنتي شوية.
تفهم الجميع طلبه الخاص فبدأ الحضور بالإنسحاب للخارج وحينما وجد من يتبعهم قال ومازالت عينيه على ابنته
_استنا أنت بره يا ياسين.
استدار تجاهه وهو يهز رأسه في طاعة
_حاضر يا عمي.
واتبع الجميع للخارج فنهضت مليكة عن مقعدها البعيد عن أباها ثم جلست على مقعد عدي القريب منه فقالت بحماس وفرحة جعلت وجهها يشع بها
_مش مصدقة أن حضرتك جيت هنا النهاردة أنا لسه مكلماك امبارح!
رفع يده ليحتضن وجهها بين يده واليد الأخرى تعدل من حجابها الذي تراجع بفوضوية للخلف وقال بابتسامة ظهرت أسنانه
_قولتلك اني هكون جنبك وهقرص ودن اللي زعلك حتى لو كنت في أخر الدنيا.. اللي يمس بنتي الوحيدة يمسني أنا شخصيا.
أدمعت عينيها تأثرا بحديثه فضمھا ياسين لأحضانه فتعلقت به مثلما كانت تفعل بطفولتها وقالت بصوت باكي
_متتأخرش أنت وماما أكتر من كده.. مفتقدة وجودكم جنبي.
ربت على خصرها بحنو وهو يخبرها
_أنا جنبك على طول يا ملاكي.
وأبعدها عنه وهو يشاكسها بشك
_وبعدين أنا بعيد عنك فين أنا مش بكلمك كل يوم!
هزت رأسها بتأكيد فعاد ليخبرها بمميزات ما يفعل لأجلها
_حد في اخواتك كلهم بيعرف يتواصل معايا غيرك
هزت رأسها بالنفي فابتسم وهو يخبرها
_عشان تعرفي أن مفيش حد في غلاوتك عندي.. ياسين الچارحي معندوش غير بنت واحدة وممكن يهد الدنيا عشان دمعة واحدة من عنيها ولا أيه
ابعد الدموع بأصبعه عن عينيها فابتسمت بفرحة اتنقلت اليه فقال وهو يشير لها بخبث
_يلا نهد الدنيا مع بعض!
فشلت بفهم المغزى من حديثه الغامض فلم تعي بما يقول الا حينما وجدته