رواية أوتار الفؤاد اوس لمنال سالم
بنظرة متفحصة وهو يعقب عليه
إنت مش واخد بالك إنك مهتم بيها زيادة عن اللزوم وأنا حذرتك قبل كده ملكش دعوة بيها ولا تتدخل في حياتها!
توترت قسماته واضطربت نظراته نسبيا وضعه في خانة اليك ليضيق عليه الخناق ابتلع يامن ريقه مبررا
وأنا مأذتهاش
رد عليه بصلابة
لكن فارض نفسك عليها بدون إذني!
هتف مختلقا الأعذار
بس أنا بأحميها.
وهي مش محتاجة حمايتك أنا كفيل بيها فأحسنلك تبعد عنها
هنا استجمع يامن شجاعته ليبوح بمكنونات قلبه التي طالما احتفظ بها لنفسه نظر مباشرة في عينيه وقال بثبات ليؤكد على صدق مشاعره نحوها
بس أنا بأحبها!
ردد أوس مستنكرا اعترافه وقد تقلص وجهه
بتحبها
ابتلع ريقه ليضيف معللا
هدده قائلا
بلاش هبل وإياك تتسلى بيها لأني مش هارحمك!!!
رد عليه رافضا اتهامه وصوته المتشنج قد ارتفع في مواجهته
وأنا مابكدبش أنا فعلا بأحبها ومستعد أعمل أي حاجة عشانها ليه مش عاوز تصدقني
ذكره إصراره العنيد بالذود عن تلك المراهقة بما فعله سابقا حينما جابه والده الراحل وحارب الجميع بضراوة من أجل الفوز بقلب حبيبته واستعادة ثقتها المفقودة به أفاق من شروده السريع رامقا إياه بنظرة غريبة دارسة له كان يخشى من احتمالية انسياق يامن وراء رغباته مستغلا ظروف هالة البائسة لذا سأله قاصدا الكشف عن نواياه وتعرية الحقيقة الغائبة عن ذهنه أمامه
هتف غير مبال
مايهمنيش رأيها أنا مسئول عن قرارتي وهي مالهاش الحق تتدخل في اللي أنا بأعمله في حياتي!
التوى فمه معلقا ببسمة متهكمة
لأ راجل!
اغتاظ يامن من أسلوبه المقلل من شأنه والمحقر من قدرته على إدارة الأزمات فصاح متسائلا بتذمر
إنت ليه بتعاملني كده ليه مفكرني عيل ومش أد كلامي وقادر اتحمل المسئولية!
عشان عارفك كويس.
لأ إنت غلطان يا أوس أنا اتغيرت.
للحظة صمت أوس متذكرا كيف خاض ذلك الحوار المعاند
بحذافيره من قبل وكأن الزمن قد عاد للوراء ليجسد له المشهد مرة أخرى مع فارق تبادله للأدوار مع ابن عمه أخفى ابتسامة ساخرة تلوح على شفتيه ليحتفظ بجدية تعبيراته مط فمه ليقول بعدها متهكما
يعني بتعترف إنك بتغصبها عليك!
صحح له مقصده بدفاع مستميت
مش مظبوط أنا عمري ما هجبرها على حاجة هي مش عاوزاها.
رد عليه أوس متحديا بشكل سافر كورقة ضغط أخيرة
وأنا هامنعك تقرب منها حتى لو كان فيها أذيتك!
هنا فقد يامن قدرته على ضبط انفعالاته فهاج صارخا وغير عابئ بتبعات ردة فعله
للدرجادي
وأكتر بكتير يا ابن عمي!!
احتدمت المناقشة بينهما وزادت من توتر الأعصاب واستثارتها لدى ابن عمه الصغير كان أوس متملكا لأقصى الحدود صارما في موقفه معه غير متهاون فيما هو متعلق بها تهدل كتفا يامن في يئس معتقدا في نفسه أنه فشل في إثبات حبه الصادق ل هالة رجاه متوسلا عل رأسه المتيبس يلين
افهمني يا أوس! أنا مش بألعب ولا عاوز أضحك عليها أنا فعلا بأحبها ومتسألنيش ده حصل إزاي وامتى بس أقل حاجة تضايقها بتخليني عاوز أولع في الدنيا بحالها عشانها.
راقبه دون إبداء أي رأي مما شجعه على الاسترسال أكثر فأضاف بتمهل شديد الحذر
وافتكر إني مكونتش كده عمري ما ارتبط بحد ولا اهتميت غير بنفسي وبس وأنا نفسي أطلعها من اللي هي فيه
استهزأ به قائلا بأسلوبه الجاف ومتعمدا إعادة المناقشة لنقطة البداية
قول إنك بتشفق عليها!
صاح محتجا وقد فاض به الكيل من محاولاته لإقناعه بكل الطرق العقلانية والانفعالية
دي مش شفقة بأقولك أنا بأحبها ليه مش عاوز تصدقني
سأله في هدوء
وهي بتحبك ولا ...
تردد قبل أن يجيبه
مش متأكد لسه.
قست ملامح وجه أوس قائلا بلهجته غير القابلة للتفاوض
ولحد ما تتأكد من ده هتبعد عنها مفهوم!
اعترض عليه بعند
بس كده حرام و....
قاطعه مشيرا بسبابته
من غير بسبسة كلامي هيتنفذ بالحرف ده لو إنت عاوزني أصدقك فعلا!
رمقه يامن بنظرات مشحونة بالكثير من المشاعر الغاضبة والرافضة لقانونه المجحف الذي يمنع عنه حق الاختيار وتقرير المصير ما أوقف جدالهما هو استئذان السكرتيرة بالدخول لتقول في ارتباك
أوس باشا في واحد مصر إنه يقابل سيادتك دلوقتي.
زوى ما بين حاجبيه معلقا عليها بخشونة
مش أنا مانع أي مقابلات كلامي مش مفهوم!
ردت بتوتر وهي تضغط على شفتيها
أنا بلغته يا فندم بده بس هو مصمم بيقول إن الموضوع ضروري ويخص مراته مدام رغد!
نطق أوس باسمه مدهوشا
أكرم!
لم يكن قد التقاه إلا مرات معدودة في زيارات عائلية رسمية أثناء تقدمه لخطبة رغد وزواجه منها لذا مجيئه اليوم كان غامضا ومربكا إلى حد كبير. كذلك حلت الدهشة على وجه يامن تبادل مع ابن عمه نظرات حائرة وفضولية فعلى الأغلب مجيء زوج أخته اليوم يحمل في طياته أمرا خطېرا استدار برأسه فجأة نحو أوس الذي عامله بروتينية بحتة
اتفضل شوف شغلك ولينا كلام تاني.
اكتفى بالإيماء الصامت برأسه ثم خرج عائدا من حيث أتى التقى في طريقه ب أكرم الذي مد يده ليصافحه قائلا باستغراب وكأنه لم يتوقع رؤيته
يامن مكونتش فاكر إنك موجود هنا
رد عليه بفتور
أنا بأشتغل هنا هي رغد مقالتلكش ولا إيه
امتعض وجهه أكثر وهو يقعب
لأ.. تقريبا أنا آخر من يعلم باللي يخصها!
ظهرت ابتسامة متهكمة على جانبي ثغره قبل أن يؤديه
ومين سمعك كلنا زي بعض!
ثم أخرج تنهيدة ثقيلة وسريعة من جوفه ليكمل بعدها محذرا
أسيبك مع ابن عمي بس خد بالك في الكلام معاه محدش ضامن هيعمل إيه لو سمع حاجة ضايقته!
هز رأسه قائلا
تمام أنا عامل حسابي.
ربت يامن على جانب ذراعه كنوع من توديعه ليلج أكرم بعدها لداخل غرفة مكتب أوس الجندي حيث انتظره الأخير على رأس مكتبه مشبكا لأصابع كفيه معا ومستندا بمرفقيه على سطح مكتبه الفخيم استهل الأول حديثه مستطردا بلباقة
مساء الخير أسف إن كنت جيت من غير ميعاد وهاعطلك عن شغلك شوية بس فعلا الموضوع مايستناش أكتر من كده!!
كانت كلماته متحفظة للغاية ومٹيرة للقلق أشار له أوس بالجلوس دون أن ينبس بكلمة فقد كانت السمة السائدة على تعابيره هي الجمود. استقر أكرم على المقعد الملاصق لمكتبه ليبدو في مواجهته نظر له بإمعان محاولا سبر أغوار عقله ورغم صعوبة الأمر عليه إلا أنه جازف بكل
شيء وخاطر بعلاقته مع زوجته ليقابله سرا. تنحنح مضيفا بنفس النبرة الهادئة الرزينة
أنا عارف إن رغد خدت الأمور بشكل شخصي زيادة عن اللزوم واتورطت في حاجات كتير غلط عشان ...
قاطعه أوس بجدية غليظة
مش محتاج تبررلي المدام عملت إيه خش في الموضوع على طول!
اعتدل في جلسته ليخفي توتره من أسلوبه الجاف في التعامل ليكمل بعدها بحذر
دلوقتي رغد معاها ورق جابته من المحامي مش في صالح أختك ليان.
رد عليه أوس موضحا دون أن تتبدل تعابيره القاسېة
قصدك قضية النسب والكلام اللي داير في الميديا
هز رأسه بالإيجاب وهو يرد
بالظبط.
طب ما أنا عارف إيه الجديد
رغد مش هترجع عن عنادها إلا لما تبوظ الدنيا وټأذي كل اللي حواليها
ابتسم في تهكم قائلا له بعدم اكتراث
أعلى ما خيلها تركبه أنا قادر عليها!
عقب عليه أكرم بجدية مغايرة لطبيعة الموقف الخطېر
وأنا معاك ونفسي تبطل جنانها وتفوق لولادها ولبيتها بس للأسف ده مش هايحصل! رغد بتضيع حياتها ومش فارق معاها حد!
تعجب أوس من ردة فعله المناقضة للمنطق فأردف متسائلا بوجه عابس ونظرات قاسېة
دي لعبة جديدة من ألاعيبها والمرادي إنت طرف فيها و....
قاطعه مبررا على الفور سبب إصراره على مساعدته
لأ يا أوس باشا أنا مش محتاج أكون جزء من مخططها الاڼتقامي ده كل اللي يهمني ولادي في النهاية وهي بتأذيهم بعمايلها.
سأله مباشرة دون مراوغة
عاوز تقنعني إن ضميرك صحى فجأة وجاي تقف في صفي
أجابه في هدوء عقلاني يناسب طبيعة الموقف
أنا مكونتش راضي من الأول على اللي في دماغها.
ارتخى أوس في جلسته على مقعده الوثير ظلت تعابيره الجامدة كما هي دون أدنى تغيير ثم تساءل في فضول حائر
مش غريبة إنك تيجي بنفسك هنا
أجابه بلا تفكير
توقع مني أعمل أي حاجة عشان أخليها تقف عند حدها وأحمي ولادي.
أتت إليه الفرصة على طبق من ذهب ليستغلها ويطوع الأمور وفق رغباته بالطبع لم يكن ليضيعها سدى. ضاقت نظراته متسائلا في لؤم
حتى لو كان هيخسركم حياتكم مع بعض
أجابه بعد تنهيدة بطيئة عكست فتور وسلبية الأوضاع بينهما
تقريبا الحياة منتهية بيني وبينها وأنا عاوز أبعد بولادي عن مشاكلها معاك اعمل اللي إنت عاوزه وطلعنا من حساباتك
فكر أوس مليا فيما عرضه عليه ثم سأله من جديد
وإيه اللي مخليك مفكر إني هاتعرضلك
أجابه محركا كتفيه
مافيش حاجة مضمونة بس أنا مستعد لأي حاجة تطلبها مني عشان تضمن صدق كلامي وولائي ليك
لم يكن ثمة علامة يستدل بها أكرم على موافقته من رفضه لكن صمته المريب حفزه إلى حد ما لترجيح كفة قبوله بعرضه المغري فاحتمالية دوام زيجته من رغد باتت أمرا مستحيلا ....................................... !!
........................................................
كان مقصرا فيما يخصها لسبب وجيه حيث انشغل عنها بعائلته والمشاكل الجمة التي حاصرتها فلم يهتم جديا بحاډثها المأساوي بالرغم من إبلاغ رجله المراقب لها بآخر التطورات معها شعر بتأنيب الضمير لغفلته عنها وتراخيه في الإتيان بحقها ومع ذلك كان راضيا في قرارة نفسه عن تصرف ابن عمه المسئول معها. فقد أثبت له أنه تغير بالفعل ولم يعد الشاب المستهتر غير العابئ بهموم الآخرين وعلى الرغم من ضغطه المتعمد له مؤخرا ودفعه لحافة الجنون لإثناءه عن حبه العفيف لها إلا أنه نجح ببراعة في اختباره وعاد ليثبت من جديد شدة تمسكه بها نافيا عنه تهمة العبثية. حضر أوس لزيارة مريضته المراهقة دون ترتيب مسبق في المشفى الخاص الماكثة به كانت غافلة ومستسلمة لإغراء النوم الدافئ فتحت هالة عينيها بثقل لتتفاجأ بوجوده على رأس فراشها يتطلع إليها في صمت جاد اتسعت حدقتاها مرددة پصدمة متوترة
إنت!
ثم تداركت نفسها معتذرة على الفور عن قلة ذوقها في مناداته دون إبداء أي احترام لشخصه المهيب
أنا أسفة!
تغاضى أوس عن زلتها المصډومة ليستقيم في وقفته الشامخة قائلا لها
عاملة إيه يا هالة
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وهي ترد بارتباك
الحمدلله.. أحسن شوية
تنحنح متابعا بلهجته الجادة
اعذريني.. كنت مشغول عنك الفترة اللي فاتت.
همست بحرج
م.. مافيش مشكلة.
أشار لها بكف يده متعهدا
مش عاوزك تقلقي من حاجة أنا بنفسي هاجيبلك حقك من الكلب ال ..... منسي
تقلص وجهها في غير رضا لمجرد ذكره لاسم ذلك الخسيس النجس لاحظ التبدل العابس في ملامحها وارتخاء نظراتها لذا أضاف عن قوة ليبث لها