الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية أوتار الفؤاد اوس لمنال سالم

انت في الصفحة 17 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز

إحساس الاطمئنان
مش معنى إنه اتسجن بقى خلاص بعيد عن عيوني!
أشعرتها طريقته الجادة في الحديث بقليل من الخۏف ليس منه ولكن مما سيحدث لاحقا سيطرت على رهبتها التي باتت ملموسة أكثر في نظراتها إليه وفي عدم انتظام أنفاسها وهو يوعدها
قريب هترتاحي منه نهائي!
هزت رأسها في استسلام كامل وكأنها تعلن بذلك عن رضائها التام لما ينتوي فعله مستقبلا شحب وجهها فجأة حينما باغتها بسؤاله المباشر
يامن بيضايقك
بههت ولم تعرف بماذا تجيبه في البداية تخشبت في مكانها وحدقت فيه بعينين متسعتين في ذهول حرج لسؤاله الخالي من التمهيدات شعرت بخفقة قوية ټضرب قلبها مع حصاره لها بنظراته المتفرسة وكأنها أصبحت أسيرة لجهاز كشف الكذب اعتراها ارتباك مضاعف فتلعثمت وهي تسعى لاختلاق رد

مقنع
لأ.. هو .. أقصد يعني.. كان بيطمن عليا و..
رفع كفه مشيرا لها لتكف عن الكلام قبل أن يعلق عليها
خلاص فهمت.
أطبقت على شفتيها بقوة لتخفي ربكتها المحرجة منه أحست بسخونية تنبعث من بشرتها لتزيد من إحراجها أمامه تحاشت النظر نحوه وأطرقت رأسها للأسفل لتركز بصرها على أناملها التي تفركها معا. كان أوس من الفطنة ليدرك ذلك التوتر الخجل الذي أصابها بدا ابن عمه محقا في وجود بذرة لمشاعر نقية بينهما حتى وإن أنكرت هي ذلك وادعت العكس لكن لا ينفي ذلك ميلها إليه أولاها ظهره يأمرها بلطافة
عاوزك تاخدي بالك من نفسك تمام
ردت بصوت أقرب إلى الهمس
حاضر.
أضاف أخيرا قبل أن يتجه إلى باب غرفتها
أنا هتابع مع الدكتور حالتك ومتقلقيش .. كل اللي حصل ده عندي وهصلحه بطريقتي!
تعقدت تعبيراتها غير مستوعبة ما يرمي إليه ومع ذلك لم تجرؤ على سؤاله اكتفت بنظرات حذرة نحوه ودعها بجمود معتاد منه
سلام يا هالة.
ردت عليه بنبرتها الخفيضة
مع السلامة يا باشا.
انصرف بعدها ليتركها في حيرتها وتوترها وضعت هالة كفيها على وجنتيها لتتلمس بشرتها الدافئة سحبت نفسا عميقا لتستعيد به انتظام خفقات قلبها لم تتخيل أنها سترتبك هكذا في حضرته لمجرد سؤال عابر تساءلت مع نفسها في قلق وكأنها تستنكر احتمالية تعلقها بذلك الشاب
هو أنا إيه اللي بيحصلي بس
قادته أطراف الخيط التي جمعها مؤخرا من زيارات شبه منتظمة لزوجة أبيه في السچن ولقاءات غريبة مع ذلك السجين الذي حمل لقب نصف رجل إلى شخص بعينه هو من تولى مهمة تصريف المسائل القانونية وفقا لأهواء تلك الحقود ومن أجل منافع شخصية. ومع زيارة أكرم المفاجئة له أصبحت ظنونه حقيقة ملموسة غير قابلة للتشكيك. اقتحم أوس مكتبه للمحاماة وبصحبته عدد لا بأس به من أفراد حراسته الخاصة ليتحول المكان إلى محبس شديد الحراسة. هب نصيف واقفا فور أن رأه بهيبته الخاطفة للأنفاس ادعى الثبات مرحبا به بود زائد ليخفي خوفه منه
باشا مش كنت تقول إن سيادتك جاي كنت ...
قاطعه مشيرا بنظراته القاسېة
ابلع لسانك بلاش نفاق!
تجمد في مكانه مجبرا قدميه على الوقوف ثم ازدرد ريقه ونظر له في ړعب مسبب فرقع أوس بأصابعه لأفراد حراسته لينصرفوا من مكتبه ومع انسحاب آخر فرد قام بغلق الباب خلفه. زاد توتر نصيف وشعر باضطراب أنفاسه تنفس بعمق وتصنع الابتسام ليقول ببسمته اللزجة كمحاولة يائسة لاتقاء شره
شرف عظيم إن معاليك تنور مكتبي.
نظر له شزرا قبل أن يسأله بلهجة جافة لا تحمل ودا وليوقف محاولاته المهترئة لإدعاء صداقة وألفة لا توجد من الأساس
ليك يد في موضوع ليان أختي
باغته بسؤاله الصريح فتخشب جسده وتوترت عروقه النابضة صاح به أوس من جديد بقوة أكبر لترتجف أطرافه
رد عليا إنت ليك يد في اللي بيحصل مع ليان
وقبل أن ينطق حذره بشراسة
خد بالك لو هتكدب عليا مش هارحمك!
رد على الفور ومدعيا بالكذب
يا باشا ده خير المرحوم د. مهاب عليا تفتكر أنا ممكن أعمل حاجة تضر ولاده
غامت نظرات أوس في عدم اقتناع تابع مراوغته بازدراء محتقر ظن نصيف أن صمته المفاجئ دليل شبه مطمئن على احتمالية تصديقه لذا استجمع شجاعته الزائف ليكمل بروية
وبعدين سعادتك أنا بعيد كل البعد عن أي حاجة تمس عيلتك ولو سيادتك تسمح أنا ممكن أتدخل في الشق القانوني وأجيب حق ليان هانم وأخرسلك كل الألسنة اللي اتكلمت عنها و..
عاد ليصيح به مقاطعا إياه في غلظة
بلاش ألاعيب الحاوي دي معايا الوحيد اللي كان عارف بالورق إياه هو إنت وبابا مكانش بيثق في حد أد ما كان بيثق فيك!
تنحنح قائلا بنبرة شبه مرتبكة
وأنا.. استحالة أخون الثقة دي.
سأله أوس مباشرة بعينين ناريتين
رغد عرفت منين إن ليان مش بنته
اهتز صوته قائلا
م.. معرفش!
رمقه بنظرة تحمل شړا مضاعفا وهو يرد عليه بكلمات موحية بالټهديد
الظاهر إنك محتاج تفكر كويس قبل ما تجاوبني!
ثم تركه في مكانه متسمرا في حالة ذهول ممتزجة بالقلق والخۏف ليتجه نحو باب الغرفة وقف عند الأعتاب وأشار بيده لحراسته ليلجوا إلى الداخل وهم يجرون أحدهم مطأطأ الرأس وفي حالة يرثى لها ألقي الرجل عند قدمي المحامي نصيف ليطالعه في فزع مرتعد تساءل بصوت دب فيه الخۏف
مين ده
أجابه أوس بابتسامة شريرة كان قد تناساها منذ برهة
ده واحد من اللي أذوا أختي اتروق عليه وإنت هتحصله قريب.
ارتعش رهبة منه وارتد خطوة للوراء لينأى بنفسه من بطشه هتف بصوته المرتجف وهو يتصبب عرقا غزيرا باردا
يا باشا.. أنا ..
قفز قلبه في قدميه ړعبا وقد صاح به أوس
إنت محتاج تفكر كويس وأنا عندي المكان المناسب ليك.
وقبل أن يستوعب عقله ما ينتوي فعله به قبض رجلان من أفراد حراسته عليه ليقيدا حركته توسله بفزع وهو يقاومهما
يا أوس باشا ده أنا راجلكم من زمان مايصحش اللي بتعمله فيا حتى اعمل خاطر للمرحوم والدك الدكتور مهاب!
تجاهل استجدائه السخيف وقف قبالته يحدجه بنظرة مرعبة مال نحوه ليهمس له بصوت مخيف
وأنا غير أبويا..

مابرحمش!
ثم انتصب في وقفته آمرا رجاله
خدوه من هنا!
صړخ نصيف مستغيثا ومهددا في نفس الآن
أنا ماينفعش يتعمل معايا كده أنا محامي ليا لي وضعي مش هاسكت عن المهزلة دي!
اقتاده فردي الحراسة إلى الخارج وكأنه مسجون حكم عليه بالإعدام ليتبعه آخران يجران الرجل المسجي على وجه تبعتهما نظرات أوس القاتمة دون إظهار أي تعاطف معهما لم يأبه بصړاخ نصيف المحتج الذي قد يثير الشبهات ويلفت الأنظار إليه فجل اهتمامه هو معاقبة من تسببوا في أذية أخته الصغرى حتى لو كلفه الأمر الكثير.
........................................................
ظنت أنه سيتخلف عن الذهاب معها خلال متابعتها الدورية لفترة حملها خاصة حينما لم يعد إلى فيلته ولم يجب على اتصالاتها المتكررة له هو أعطاها هاتفا جديدا لكنه من طراز قديم لتهانفه منه وليضمن عدم انزعاجها من كم الأخبار المغلوطة والشائعات التي قد تجرحها نفسيا وتثبط من معنوياتها في ظروفها الحرجة تاك كانت مرته الأولى التي لم يحضر فيها معها شعرت بحزن قليل يجتاحها تغاضت تقى عن إحساسها بخيبة الأمل لتستقل السيارة وبصبحتها أفراد الحراسة الذين باتوا جزءا من روتينها اليومي أثناء تنقلاتها اتجهت إلى العيادة النسائية حسب الموعد المتفق عليه رحبت بها الممرضة واصطحبتها لغرفة الكشف ليتم تجهيزها وقبل أن تدخل الطبيبة بارسينيا تفاجأت به يطل برأسه من الباب وعلى وجهه ابتسامة ناعمة اعتدلت في نومتها لترمش بعينيها غير مصدقة هتفت وقلبها يدق پعنف
أوس! إنت هنا كنت فكراك ...
قاطعها قبل أن تتم عبارتها قائلا
حبيبتي ماينفعش أفوت حاجة زي دي..
جلس على طرف الفراش ماسحا برقة على وجنتها وهو يكمل
حتى لو كنت بأموت مش هاسيبك لوحدك.
ردت بتلهف خائڤ ونظراتها الناعسة تجوب على ملامح وجهه
بعد الشړ عنك.
نطقت الأعين بالكثير من المشاعر العميقة قطع خلوتهما المفعمة بالحب دخول الطبيبة بارسينيا التي ابتسمت لكليهما قبل أن تقول مرحبة
أهلا بيك أوس باشا إزيك يا هانم
تنحى عن الفراش ليستقيم واقفا وهو يرد عليها
أهلا يا دكتورة طمنينا على تقى والجنين
حاضر
جلست الطبيبة في مقعدها المجاور للفراش وقامت بوضع السونار الطبي على بطن مريضتها بعد أن كشفت ثيابها الممرضة لتؤدي عملها بدقة وتأني لحظات شبه صامتة كانت الأعصاب فيها مشدودة تساءلت تقى بتوجس
إيه الأخبار
ابتسمت لها الطبيبة قبل أن تجيبها بتريث وكامل نظراتها مركزة على الشاشة الطبية
كله تمام يا هانم متقلقيش
تساءل أوس من خلفها
والجنين وضعه إيه
التفتت نحوه لتجيبه ببسمتها المهذبة
اطمن يا باشا نموه طبيعي ومافيش مشاكل في العمود الفقري الحمدلله.
تنهد معقبا عليها
الحمدلله.
ثم أضافت بهدوء روتيني وكأن ما تلقيه على مسامعهما أمرا عاديا
كمان العضو الذكري واضح أهوو!
حلت الدهشة على كلا الزوجين فتبادلا نظرات حائرة مصډومة. أفاقت تقى من صډمتها لتتساءل على الفور
هو ولد
أجابتها بارسينيا مؤكدة
أيوه.
خفق قلبها بقوة وغمرتها فرحة عامرة ظهرت في وميض عينيها ردد أوس مذهولا وقد بدا إلى حد ما غير قادر على استيعاب ما قالته
مش معقول طب اتأكدي لو سمحتي.
ردت الطبيبة عليه بصوتها الهادئ
باين يا فندم ده غير معدل النبضات بيأكد ده كمان مبروك
ثم استأذنت بالانصراف لتترك الاثنان في حالتهما المدهوشة طالع أوس زوجته بنظرات حائرة. توهمت تقى أنه غير راض عن تلك المفاجأة التي كانت سارة بالنسبة لها كانت خلجات وجهه كانت غير مقروءة وعيناه تائهتان نسبيا. غطت بطنها بثيابها سريعا وسحبت الغطاء عليها وهي تسأله بحذر
هو إنت مش مبسوط
حملق فيها بشرود طفيف كان واجما على عكس فرحته بوليدته البكرية حياة والتي كان ينتظرها بشغف كبير أطبق على شفتيه ليحتفظ بصمته المريب وكأن عقله تخلى عنه لينتقل إلى عالم آخر لم يجد ما يوصف به مشاعره حاليا نعم سيولد له طفلا ذكرا سيحمل اسمه ويكون امتدادا لنسله شرد يفكر في مستقبله الغامض أحس بالخۏف والرهبة في نفس الوقت خشي ألا يحسن تربيته فيفسده مثلما فعل أبيه الراحل معه تجهم بائن كسا ملامحه تعجبت تقى من سكوته الذي طال وبات هاجسها يقينا محسوسا ابتلعت ريقها لتقول
أنا كنت فكراك هتفرح لما تعرف إني حامل في ولد!
انتشلته من تفكيره الشارد لينظر لها بحنان قبل أن يرد بفتور
كله خير يا حبيبتي.
عبست تعبيراتها متسائلة بحزن مس قلبه
إنت زعلان صح
أمسك أوس بكفها وفركه بين راحتيه سحب شهيقا عميقا لفظه ببطء ليبرر لها سبب توتره
مش الفكرة يا تقى بس.. أنا خاېف
سألته بحيرة
من إيه
أجابها بعد تفكير ونظراته القلقة ظاهرة لها
معرفش أربيه تطلع أخلاقه زيي زمان.
مدت يدها لتمسح على صدغه مستشعرة خوفه من المجهول ابتسمت له ابتسامة رقيقة تذيب الجليد وتزيح الهموم رمقته بنظرتها الحنون قائلة له
أوس .. حبيبي أنا واثقة إنك هتربيه كويس وهيطلع أحسن مني ومنك خليك واثق في كلامي.
ثم مازحته بغنج
وبعدين شكلك بتحب البنات أكتر قول! اعترف!
اتسعت ابتسامته قليلا وهو يرد بتنهيدة بطيئة
البركة فيكي يا حب عمري!
هامسة له
ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
ظل يضمها إليه وهو يقاوم شعور التوتر الذي زاد بداخله خوفه كان غريزا نابعا من
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 28 صفحات