دواعي أمنية مشددة من الفصل السادس والعشرين حتي الثاني والاربعون
بفارغ الصبر وكان أكثرهم فضولا وتلهفا السيدة صفية فقد طال بقاؤها بالداخل وهي ترغب في رؤيتها والتطلع إلى جمالها ال خارق الذي ظل مسعد يتحدث عنه لأيام ...
وها هي قد حانت اللحظة حينما هدأت الموسيقى تماما وصدح بدلا منها موسيقى أخرى كلاسيكية ناعمة .. فالټفت الجميع نحو مدخل الغرفة مترقبين دخولها ..
حل الوجوم والصدمة ونظرات التعجب والذهول على وجه كلا من صفية وابنتها حينما رأت كلتاهما هيئتها ..
يا لهوي بالي يا باسل هي دي خطيبتك عيني عليك يا نضري !!!!
تفرست إيناس في ملامحها بدقة وكأنها تضعها تحت عدسات المجهر ...
انفرجت شفتاها للأسفل في عدم تصديق .. وبدت كالبلهاء وهي تتطلع إليها ..
كانت كما قال مسعد ذات بشړة سمراء بل سمراء للغاية كأغلب الأفارقة وخصلات شعرها مجعدة بصورة واضحة ومع ذلك لم تغير في منظره أو حتى تستخدم مثبتات الشعر أو مواد .
أما فستان الخطبة فقد كان حريريا قصيرا ضيقا من اللون الفضي يبرز ساقين رفيعتين وذو حملات رفيعة أظهرت كتفيها وذراعيها الدقيقين وفتحة صدر مثلثة أوضحت مفاتها بطريقة شبه منفرة وبالطبع إرتدت حذائا عاليا من نفس اللون ليزيد من طولها ..
ابتسم بتكلف وهو يصطحبها للداخل .. ورفع عينيه لېختلس النظرات نحو إيناس ليرى ردة فعلها .. فشعر بغصة قوية في نفسه .. وبآلم رهيب يجتاح صدره ..
لم يتصور أن يؤثر ما فعله على نفسه قبلها ..
بل إنه استحقر نفسه لدناءته ..
وعاتب نفسه بقسۏة لإيلامها .. فيكفيه تلك النظرات لمعرفة شعورها الداخلي ..
أجلس باسل عروسه إلى جواره ونظر لها بفتور وضيق ..
فقد تعمدت تبديل فستان الخطبة بأخر غير الذي اتفقا عليه لتصدمه ..
ولم يرد هو أن يحدث جدلا في هذا الوقت الحرج .. فاكتفى بالعبوس ..
وقفت أمامه والدته لتحجب عنه وجه إيناس المصډوم .. وهنأت ابنها وخطيبته ..
وهي دي محتاجة تصريح للجواز يا ساتر يا رب !
شششش اسكتي يا صفية
همس بتلك العبارة اللواء محمد محذرا زوجته للمرة الأخيرة فامتثلت مضطرة لأمره ..
صفق الحاضرون للعروسين فيما عدا إيناس التي كانت في حالة صدمة ..
كانت تتخيل أن أخيها يمازحها بشأن تلك الخطيبة السمراء لكنه كان صادقا في وصفه لها ولم يبالغ ..
لسنوات عانت من عقدته .. وكافحت لكي لا يؤثر هذا على أحلامها ..
ترقرقت العبرات في عينيها دون سبب محدد لمجرد التفكير في الأمر ..
ألهذا الحد كان يبغضها ويريد أن يراها محطمة وهي لم تفعل له أي شيء ..
شعرت بالإختناق وبصعوبة في السيطرة على انفعالاتها ..
فاستدارت برأسها باحثة عن الشرفة لتهرب من ذلك الجو الكئيب الذي ېخنقها أكثر .. وبالفعل وجدتها فتوجهت نحوها ..
ايه اللي رماك الرمية السودة دي يا بني هو بنات البلد خلصوا عشان تجيب دي .. حسرة عليها أمك تلاقيها مفروسة من عمايلك !!!
نهرها زوجها عما تفعل قائلا
كفاية تقطيم يا صفية هو احنا من بقية أهله ! ما يخطب ولا يتجوز اللي هو عاوزها
ردت عليه بتهكم
هي دي فيها حاجة تتشاف استغفر الله العظيم يا رب سامحني بس في أحسن من كده !
حذرها زوجها قائلا بصرامة
مالكيش دعوة ! هو حر الله !!!!!!
لم يكن باسل راضيا عن الوضع .. فقد انكشف جزء كبير من ساقي خطيبته فمال عليها ليهمس لها باللغة الانجليزية
من فضلك اجلسي بحرص أكبر وغطي جسدك المكشوف
نظرت له بضيق وردت بصوت خفيض
ألا يعجبك ما ارتديه
رد عليها بتهكم وهو عابس الوجه
إنه جيد لكن في غرف النوم فقط وليس أمام عائلتي وأصدقائي
نظرت له بقوة وهتفت بصرامة
باسل لقد اتفقنا منذ البداية ألا تتدخل في اختياراتي !
لم يجبها واكتفى بالنظر شزرا إليها ثم أدار وجهه للناحية الأخرى فلم يجد إيناس بين الحاضرين ..
انقبض قلبه نوعا ما .. وجاب بنظراته المكان باحثا عنها .. وشعر بالإحباط لاختفائها ..
اقترب خالد منه وسأله مهتما
شكلك مش مبسوط يا عريس
رد عليه بفتور
عادي !
ابتسم قائلا بمزاح
واضح إن العروسة بدأت النكد بدري بدري
حذره باسل قائلا بجدية وقد انعقد ما بين حاجبيه
خالد أنا مش ناقص !
أشار له خالد بعينيه وهتف بهدوء
طيب اهدى بلاش العصبية !
قاطع حديثهما صوت ناتالي وهي تقول بنعومة
باسل سأذهب للحظة !
اكتفى بالابتسام وهو يهز رأسه ايجابا .. بينما تركه خالد وابتعد ..
استغل هو فرصة نهوض ناتالي وذهابها للمرحاض لتهندم من نفسها لتستعد لالتقاط بعض الصور التذكارية لحفل الخطبة حتى يخرج للشرفة ويلتقط أنفاسه .....................
٢٤١٢ ١٠٠٨ م نودي دواعي أمنية .. مشددة
الفصل التاسع والعشرون الجزء الأول
أبطأ مسعد السيارة حينما أوشك على الاقتراب من البناية القاطن بها باسل .. وظل يتفقد الطريق بحرص حتى يتجنب التصادم مع أي سيارة خاصة أن مساحة الطريق كانت ضيقة للغاية .
ورغم الهدوء الحذر الواضح على وجه إيناس إلا أن روحها كانت مشټعلة من الداخل ..
فنيران كرهها له لم تهدأ بل كانت دوما مستعرة لكنها لم تظهر هذا لأحد .. حتى الأقرب إليها لم يشعروا بما كانت تعانيه ..
أوقف مسعد السيارة والټفت برأسه للجانب ليرمق جميع أفراد عائلته بنظرات شمولية وهو يقول
انزلوا انتو هنا وأنا هاشوف راكنة قريبة للعربية واحصلكم
أشار له والده بيده وهو يقول
طب ما تركن قصاد الجراج ده أو عندك عربية باسل محدش آآ...
قاطعه مسعد قائلا بجدية
يا بابا مش عاوزين مشاكل مع حد خلينا نركن في أي حتة وخلاص مش هاتفرق كتير ..
رد عليه أبيه بصوت جامد
اللي يريحك !
ثم أومىء برأسه لزوجته وهو يضيف
يالا يا صفية تعالي يا إيناس
أجابته زوجته قائلة بنبرة شبه مرهقة
حاضر .. احنا مجناش هنا قبل كده هانعرف بيته ازاي ولا آآ...
قاطعها مسعد بهدوء
إيناس جت معايا قبل كده مرة وعارفاه صح ولا نسيتي
ردت عليه إيناس بتأفف
أها ! مش ناسية مكانه
هتف اللواء محمد بنفاذ صبر
طب انجزوا وبلاش عطلة اكتر من